زوال ملك المالك، وحرمة الانتفاع للغاصب قبل الإرضاء،
ــ
[البناية]
الأول: الأمر بالتصدق الذي يدل على زوال ملك المالك إذ لو بقي الملك للمالك لأمر بالرد إليه تحرزا عن إبطال ملك الإنسان، أو أمر بالبيع وحفظ الثمن عند خوف الفساد؛ لأن الإمام ولايته بيع مال الإنسان عند الحاجة.
الثاني: زوال ملك المالك، أشار إليه بقوله م:(زوال ملك المالك) ش: بالنصب، أي وأفاد أيضا زوال ملك المالك. ووجهه ما ذكرناه.
الثالث: حرمة الانتفاع قبل أداء البدل، أشار إليه بقوله: م: (وحرمة الانتفاع للغاصب قبل الإرضاء) ش: بالنصب أيضا، أي وأفاد أيضا حرمة انتفاع الغاصب بالمغصوب قبل إرضاء المالك بالتراضي أو بالقضاء.
وقال محمد بن الحسن: في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن عاصم بن كليب عن أبيه به، ثم قال ولو كان هذا اللحم باقيا على ملك مالكه الأول لما أمر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يطعم الأسارى، ولكن لما رآه خرج من ملك الأول صار مضمونا على الذي أخذه أمر بإطعامه؛ لأن من ضمن شيئا فصار له عن وجه غصب فإن الأولى أن يتصدق به ولا يأكله.
وأخرج الدارقطني في " سننه " عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب به، ثم أخرج عن عبد الواحد بن زياد قال: قلت لأبي حنيفة: من أين أخذت قولك في الرجل يعمل في مال الرجل بغير إذنه أنه يتصدق بالذبح، قال: أخذته من حديث عاصم بن كليب هذا، انتهى.
فإن قلت: قال البيهقي: وهذا؛ لأنه كان يخشى عليها الفساد وصاحبها كان غائبا فرأى من المصلحة أن يطعمها الأسارى ثم يضمن لصاحبها.
قلت: الإمام إذا خاف التلف على ملك غائب يبيعه ويحبس ثمنه عليه كما ذكرنا. ولا يجوز له أن يتصدق به.
فإن قلت: هذا الحديث متروك الظاهر؛ لأن المذهب أن التصدق بالذبح لا يعين المغصوب، فكيف يصح التمسك به.
قلت: روي عن محمد أنه يتصدق بالأصل قبل أداء الضمان على أنا نقول: إن الحديث يقتضي انقطاع حق المالك والتصدق، إلا أن التصدق ترك للمعارض، فبقي الحكم الآخر على ظاهره، ولا يرد علينا اللقطة؛ لأن الشارع أمر بتصدقها بعد تعريفها وعجزها عن إصابة المالك وعن صيانة المال، وهاهنا المالك معلوم ويمكن الرد عليه فلا يجوز التصدق بدون رضاه، كما لو علم صاحب اللقطة وأمكن الرد عليه. كذا ذكره الإمام اليرعوي.