للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وقت الغصب للغاصب حقيقة، وهذا لا يسلم له الولد. ولو كان الغصب هو السبب للملك لكان إذا تم له الملك بذلك السبب يملك الزوائد المتصلة والمنفصلة ومع هذا في هذه العبارة بعض الشبهة، فالغصب عدوان محض، والملك حكم مشروع مرغوب فيه فيكون سببه مشروعا مرغوبا فيه، ولا يصلح أن يجعل العدوان المحض سببا له، فإنه ترغيب للناس فيه لتحصيل ما هو مرغوب لهم به. ولا يجوز إضافة مثله إلى المشروع.

قيل: فيه نظر؛ لأنه لا يراد بكون الغصب سببا للملك عند أداء الضمان أنه يوجبه مطلقا بل بطريق الاستناد، والثابت به ثابت من وجه دون وجه، فلا يظهر أثره في ثبوت الزيادة المنقطعة.

ولا نسلم أن يقال: الغصب موجب لرد العين وللقيمة عند تعذر رد العين، ثم يثبت الملك للغاصب شرطا للقضاء بالقيمة لا مقصودا بالغصب، ولهذا لا يملك الولد فإنه بعد الانفصال لا يبقى تبعا وما يثبت شرطا يثبت تبعا، والكسب ليس كذلك؛ لأنه بدل المنفعة فيكون تبعا محضا فيملكه الغاصب.

وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي ": فإذا أبق العبد المغصوب من يد الغاصب فالملك بالخيار إن شاء انتظر إلى ظهوره عليه فيأخذه، وإن شاء لم ينتظر وضمن الغاصب قيمته. فلو ظهر العبد بعد ذلك فإنه ينظر، إن أخذ صاحبه القيمة التي سماها ورضي بها إما بتصادقهما عليها، أو بقيام البينة، أو بنكول الغاصب عن اليمين، فلا سبيل له على العبد عندنا، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - له أن يأخذ عبدا بعينه.

ولو أخذ القيمة بقول الغاصب ويمينه على ما يدعيه المالك من الزيادة فإن المالك بالخيار إن شاء حبس القيمة ورضي بها وسلم العبد إلى الغاصب، وإن شاء رد القيمة التي أخذها ويسترد العبد وللغاصب أن يحبس العبد حتى يأخذ القيمة. ولو مات العبد عند الغاصب قبل رد القيمة عليه فلا يرد القيمة ولكن يأخذ من الغاصب فضل القيمة إن كان في قيمة العبد فضل على ما أخذ، وإن لم يكن فيه فضل فلا شيء له سوى القيمة المأخوذة.

وروي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه قال: إذا ظهر العبد وقيمته مثل ما قال المالك فلا خيار للمالك ولا سبيل له على العبد، في ظاهر الرواية له الخيار من غير تفصيل، ولو كان المغصوب مدبرا وأبق عند الغاصب فإنه يضمن القيمة؛ لأن المدبر يضمن بالغصب، ولكنه لا يصير ملكا للغاصب، حتى إنه لو ظهر يرده على مولاه ويسترد منه القيمة، وليس للغاصب حبسه لأجل القيمة؛ لأنه لا يجوز بيعه ولا يجوز حبسه بالدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>