ولا فرق في المذهبين بين ما إذا عطلها أو سكنها. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن سكنها يجب أجر المثل وإن عطلها لا شيء عليه. له: أن المنافع أموال متقومة حتى تضمن بالعقود فكذا بالمغصوب. ولنا أنها حصلت على ملك الغاصب لحدوثها في مكانه، إذ هي لم تكن حادثة في يد المالك؛ لأنها أعراض لا تبقى فيملكها دفعا لحاجته، والإنسان لا يضمن ملكه. كيف؟ وأنه لا يتحقق غصبها
ــ
[البناية]
تفسير الضمان عنده، يعني أن المنافع مضمونة بأجر المثل عنده، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - واختلف أصحاب مالك وذكروا أنها لا تضمن كقولنا في صورة الغصب، وكذا في صورة الإتلاف. وعن ابن القاسم يضمن غلة الرباع والإبل والغنم ولا يغرم غلة العبيد والدواب.
وقال بعضهم إن سلمها يجب أجر المثل، وإن عطلها لا، ولهذا لا يضمن على الإطلاق كقولنا م:(ولا فرق في المذهبين) ش: أي مذهبنا ومذهب الشافعي م: (بين ما إذا عطلها أو سكنها) ش: الغاصب، وربما سمي الأول غصبا، والثاني إتلافا في شمول العدم عندنا وشمول الوجود عنده.
م:(وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن سكنها يجب أجر المثل وإن عطلها لا شيء عليه) ش: لأنه انتفع في الأول دون الثاني.
م:(له) ش: أي للشافعي م: (أن المنافع أموال متقومة) ش: أما كونها أموالا فإنها تصلح صداقا، وأما كونها متقومة فلأن التقوم عبارة عن العزة، والمنافع عزيزة عند الناس.
ولهذا يبذلون الأعيان لأجلها م:(حتى تضمن بالعقود) ش: صحيحة كانت أو فاسدة بالإجماع م: (فكذا بالمغصوب) ش: أي فكذا يضمن بالمغصوب؛ لأن العقد لا يجعل غير المتقوم متقوما، كما لو ورد على الميتة.
م:(ولنا: أنها) ش: أي المنافع م: (حصلت في ملك الغاصب لحدوثها في مكانه) ش: أي تصرفه وقدرته وكسبه م: (إذ هي لم تكن حادثة في يد المالك؛ لأنها أعراض لا تبقى فيملكها) ش: لأن ما حدث في إمكان الرجل فهو ملكه م: (دفعا لحاجته) ش: لأن الملك لم يثبت للعبد إلا رفعا لحاجته إلى إقامة التكاليف، فالمنافع حاصلة في ملك الرجل.
م:(والإنسان لا يضمن ملكه) ش: أي ملك نفسه، والتحقيق أن من استولى على شيء يملكه إلا إذا تضمن الاستيلاء لإزالة يد مالكه، فحينئذ لا يملكه، وهاهنا لا يتضمن فيملكه المتولى عليه دفعا لحاجته.
م:(كيف؟) ش: أي كيف يكون الضمان؟ م:(وأنه) ش: أي الشأن م: (لا يتحقق غصبها