للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: أنه سقط تقومهما في حق المسلم، فكذا في حق الذمي؛ لأنهم أتباع لنا في حق الأحكام فلا يجب بإتلافهما مال متقوم وهو الضمان. ولنا أن التقوم باق في حقهم، إذ الخمر لهم كالخل لنا، والخنزير لهم كالشاة لنا، ونحن أمرنا بأن نتركهم وما يدينون

ــ

[البناية]

الذمي فإنه يجوز عندنا خلافا للشافعي وأحمد م: (له) ش: أي الشافعي م: (أنه سقط تقومهما) ش: أي تقوم الخمر والخنزير م: (في حق المسلم، فكذا في حق الذمي؛ لأنهم أتباع لنا في حق الأحكام) ش: أي لأن أهل الذمة أتباع للمسلمين في الأحكام لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فإذا قبلوا عقد الذمة فأعلمهم أن لهم ما للمسلين وعليهم ما على المسلمين» ، فبين أن كل حكم يثبت في حق المسلم يثبت في حق الذمي م: (فلا يجب بإتلافهما مال) ش: أي إذا كان كذلك فلا يجب بإتلاف الخمر والخنزير الذي ليسا بمتقومين مال م: (متقوم وهو الضمان) ش: أي ما يضمن به.

م: (ولنا: أن التقوم باق في حقهم) ش: دل على أن ذلك ما رواه أبو يوسف في " كتاب الخراج " تصنيفه في فصل من تجب عليه الجزية، وقال حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: سمعت ابن سويد بن غفلة يقول: حضر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - واجتمع إليه عماله فقال: يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في الجزية الميتة والخنزير، فقال بلال: أجل إنهم يفعلون ذلك، فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فلا تفعلوا ولكن ولوا أربابها بيعها ثم خذوا الثمن منهم.

وجه الاستدلال بذلك أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أذن لهم في بيعها وثمن العقد عليها بيعا وبدلها ثمنا، والثمن لا يجب إلا في عقد صحيح، فدل على التقوم. وهذا؛ لأن قضايا عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ما كانت تخفى على الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولم يثبت التكبر منهم على ذلك، فحل محل الإجماع.

م: (إذ الخمر لهم كالخل لنا، والخنزير لهم كالشاة لنا، ونحن أمرنا بأن نتركهم وما يدينون) ش: يعني لا نجادلهم على الترك.

فإن قلت: ما الأمر بتركهم وما يدينون؟.

قلت: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اتركوهم وما يدينون» . والخمر كانت متقومة في شريعة من قبلنا وفي صدر شريعتنا، والمزيد هو قَوْله تَعَالَى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠] (سورة المائدة: الآية ٩٠) . وجد في حقنا بدليل السياق والسباق، فبقي في حق من لم يدخل تحت الخطاب على ما كان من قبل.

فإن قلت: روي في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن الله لعن

<<  <  ج: ص:  >  >>