لأن أحدا من أهل الأديان لا يدين تمولهما، إلا أنه تجب قيمة الخمر وإن كان من ذوات الأمثال؛ لأن المسلم ممنوع عن تمليكه لكونه إعزازا له، بخلاف ما إذا جرت المبايعة بين الذميين؛ لأن الذمي غير ممنوع عن تمليك الخمر وتملكها،
ــ
[البناية]
يذكره في الكتاب م:(لأن أحدا من أهل الأديان لا يدين تمولهما) ش: أي تمول الميتة والدم، قيل المراد من الميتة الذي مات حتف أنفه، أما الذي خنقوه أو ضربوه حتى مات كما يفعله المجوس فعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يضمنها المسلم بالغصب والإتلاف.
وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يضمن كالميتة م: (إلا أنه تجب قيمة الخمر، وإن كان من ذوات الأمثال) ش: أي لا أن الشأن وجوب قيمة الخمر لا مثلها، وإنما ذكر الضمير في قوله وإن كان بتأويل الشأن أو المذكور م:(لأن المسلم ممنوع عن تمليكه) ش: أي تمليك الخمر م: (لكونه إعزازا له) ش: أي لكون التمليك إعزازا للخمر. وفي بعض النسخ إعزازا لها بتأنيث الضمير على الأصل، وأما التذكير فعلى التأويل الذي ذكرناه.
فإن قلت: ما الفرق بين ما إذا أتلف ذمي خمر ذمي ثم أسلم حيث لا يجب عليه شيء لا القيمة، ولا الخمر عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهي رواية عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، والرواية في " المبسوط ": والإسلام المقارن لا يمنع وجوب القيمة فالطارئ أولى.
قلت: الفرق أنه حين أتلفه لم يكن إتلافه سببا لوجوب القيمة؛ لأنه لا يوجد بعد ذلك سبب الوجوب. وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو رواية عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عليه قيمة الخمر؛ لأنه لا يمكن إيجاب الخمر؛ لأنه مسلم، ولا يمكن إبراؤه عن الضمان؛ لأن المتلف عليه ذمي، والخمر في حقه مال متقوم، وقد أمكن إيجاب القيمة فيجب. أما في الخنزير يبقى الضمان بإسلامهما أو إسلام أحدهما بالاتفاق؛ لأن الواجب هو القيمة، والإسلام لا ينافيها.
م:(بخلاف ما إذا جرت المبايعة بين الذميين) ش: هذا متصل بقوله: لأن المسلم ممنوع عن تمليكه، يعني أن المسلم لما كان ممنوعا عن تمليك الخمر وجب عليه قيمة الخمر إذا أتلفها، بخلاف ما إذا باعها ذمي من ذمي م:(لأن الذمي غير ممنوع عن تمليك الخمر وتملكها) ش: ولذلك إذا أتلف ذمي خمر ذمي يجب عليه مثلها.
وقال القدوري في " شرحه لمختصر الكرخي " فيمن أتلف صليبا؛ لأنا أقررناهم على هذا الصنع، فصار كالخمر التي هم مقرون عليها، وقد قال أصحابنا: إن الذمي يمنع من كل شيء يمنع منه المسلم إلا شرب الخمر، وأكل الخنزير؛ لأنا استثنيناه بالأمان، ولو عتوا وضربوا بالعبد إن منعناهم من ذلك كله كما يمنع المسلمين؛ لأنه لم يستثن، كذا ذكره القدوري في " شرحه ".