وهو على أصله ليس باستهلاك وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هو للغاصب في الوجهين، ولا شيء عليه لأن نفس الخلط استهلاك عنده، ولا ضمان في الاستهلاك؛ لأنه أتلف ملك نفسه. وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يضمن بالاستهلاك في الوجه الأول لما بينا
ــ
[البناية]
خلط الخل بالخمر وهما جنسان مختلفان، وخلط الجنسين المختلفين استهلاك لكنه في التقدير كأنه خلط الخل بالخل نظرا إلى المال.
وهذا لأن في الخمر صلاحية أن يصير خلا وهي في حق المسلمين لا يصلح إلا لهذا، فإن تخللت بنفسها وطبعها لا ينقطع حق المالك عنها؛ لأنه لم يعارضها شيء، وإن تخللت بإلقاء شيء فيها وإن تخللت من ساعته يصير ملكا للخالط لأنه صار تبعا لملكه، فأضيف تخللها إلى ذلك. وإن تخللت بعد زمان يضاف تخللها إلى طبعها عملا بالدليلين فصار كأنه خلط الخل بالخل في التقدير.
م:(وهو على أصله ليس باستهلاك) ش: أي خلط الخل بالخل على أصل محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - ليس باستهلاك إذ خلط الجنس ليس باستهلاك وهو قول أبي يوسف أيضا، فيكون الخل مشتركا بينهما لأنه صار خالطا خل نفسه بخل غيره، فإذا أتلفه فقد أتلف خل نفسه وخل غيره، كذا في " جامع أبي اليسر ".
م:(وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هو للغاصب في الوجهين) ش: يعني فيما إذا صارت خلا من ساعتها، وفيما إذا صارت بعد زمان م:(ولا شيء عليه لأن نفس الخلط استهلاك عنده ولا ضمان في الاستهلاك؛ لأنه أتلف ملك نفسه) ش: أراد به الاستهلاك الحكمي بالخلط، وهذا تقريب لقوله؛ لأن نقص الخلط استهلاك عنده، يعني أن نفس الخلط استهلاك عنده ولا ضمان في هذا الاستهلاك.
ولما لم تكن هذه المقدمة مسلمة، استدل بقوله لأن أتلف ملك نفسه؛ لأنه خلط الخل بالخمر وقد ذكرنا أن الاستهلاك هنا عبارة عن فعل لا يصل الإنسان بسببه إلى عين حقه وإتلاف ملك نفسه لا يوجب الضمان، وأنه وإن أتلف الخمر أيضا لكنها غير متقومة، وإتلاف غير المتقوم لا يوجب الضمان أيضا.
م:(وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يضمن بالاستهلاك في الوجه الأول) ش: أراد به فيما إذا صارت خلا من ساعته. وقال تاج الشريعة: أراد به الاستهلاك الحقيقي بعد أن صار خلا؛ لأنه بالخلط صار مستهلكا ولا ضمان عليه بهذا الاستهلاك؛ لأنه لاقى محلا غير متقوم، والاستهلاك الحقيقي بعده ورد على ملكه م:(لما بينا) ش: أشار به إلى قوله لأنه استهلاك له