لأن مالية المدبرة متقومة بالاتفاق، ومالية أم الولد غير متقومة عنده، وعندهما متقومة، والدلائل ذكرناها في كتاب العتاق من هذا الكتاب والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
عن يعقوب عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رجل غصب أم ولد لرجل فماتت في يده قالا: لا ضمان عليه، وإن غصب مدبرته فماتت فهو ضامن بقيمتها. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يضمن أي في أم الولد كما يضمن في المدبرة م:(لأن مالية المدبرة متقومة بالاتفاق، ومالية أم الولد غير متقومة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة م: (وعندهما متقومة، والدلائل ذكرناها في كتاب العتاق من هذا الكتاب والله أعلم بالصواب) ش: وقد بينا فيه خلاف الثلاثة أيضا.
فوائد: غصب ثوبا فكساه للمالك أو طعاما فقدمه بين يديه فأكله وهو لا يعلم بأنه ثوبه أو طعامه، يبرأ الغاصب عندنا عن الضمان، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في قول، ومالك في قول لا يبرأ. ولو باعه أو وهبه وسلمه، أو أودعه وسلمه وأعاره وسلمه، أو أجره وسلمه والمالك لا يعلم به يبرأ عن الضمان عندنا، وبه قال الشافعي في وجه ومالك وأحمد. وقال الشافعي في وجه لا يبرأ. ولو رهنه المالك عند الغاصب لم يبرأ عن الضمان عند الشافعي، وعندنا ومالك وأحمد يبرأ، ولو حل رباط دابة أو فتح قفص طير أو حل قيد عبد فذهب عقيب ذلك لم يضمن عندنا، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول وفي قول يضمن وبه قال مالك وأحمد. وعن محمد يضمن سواء طار من فوره أو مكث ساعة ثم طار أما لو مكث ساعة ثم طار لا يضمن عندنا، وعند الشافعي خلافا لمالك وأحمد. ولو حل رأس الزق فسأل البائع أو قطع علاكتي قنديل فانكسر ضمن، ولو كان الدهن جامدا فذاب بالشمس فسال لم يضمن، وبه قال الشافعي في وجه.
وقال في وجه، يضمن وبه قال مالك وأحمد، والغصب لا يتحقق في الحر بالإجماع فلا يضمن بالغصب. أما لو استعمله مكرها لزمه أجر مثله عند الثلاثة؛ لأنه استوفى منافع متقومة فلزمه ضمانها كمنافع العبد، وعنده لا يضمن ولو حبسه مدة لا يجب أجر مثله عندنا أيضا، وبه قال الشافعي وأحمد في وجه ومالك وقالا في وجه أنه يضمن كما في العبد، ولو غصب كلبا له منفعة وحبسه مدة يجب أجره في أحد الوجهين عند الشافعي، وعندنا وأحمد ومالك والشافعي في وجه لا يجب ولا يضمن إذا هلك أو أتلفه عند الثلاثة، وعندنا يضمنه لأنه مال حتى يجوز بيعه عندنا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.