ولقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الجار أحق بسقبه. قيل: يا رسول الله! ما سقبه؟ قال: شفعته» .
ــ
[البناية]
وقال الترمذي: ثقة مأمون عند أهل الحديث لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث. وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال روى عنه الثوري وشعبة وأهل العراق وكان من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، وليس من الإنصاف ترك شيخ ثبت بأوهام لهم في روايته، ولو سلكنا ذلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين.
وقال صاحب " التنقيح ": واعلم أن حديث عبد الملك بن أبي سليمان حديث صحيح ولا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة وهي «الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة» فإن في حديث عبد الملك إذا كان طريقهما واحدا، وحديث جابر المشهور لم يثبت فيه استحقاق الشفعة إلا بشرط تصرف الطرف، فنقول إذا اشترك الجاران في المنافع كالبئر أو السطح أو الطريق فالجار أحق بسقب جاره لحديث عبد الملك.
وإذا لم يشتركا في شيء من المنافع فلا شفعة لحديث جابر المشهور، وطعن شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث لا يقدح فيه، فإنه ثقة. وشعبة لم يكن من الحذاق في الفقه ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر تعارضها، إنما كان حافظا وغير شعبة إنما طعن فيه تبعا لشعبة. وقد احتج بعبد الملك مسلم في "صحيحه"، واستشهد به البخاري.
م: (ولقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الجار أحق بسقبه، قيل: يا رسول الله! ما سقبه؟ قال: شفعته» ش: أخرج البخاري في "صحيحه"، عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع مولى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«الجار أحق بسقبه» انتهى.
السقب: بفتح السين المهملة وفتح القاف وفي آخره باء موحدة القرب، يقال سقبه داره بالكسر والمنزل سقب، والساقب القريب، ويقال للبعيد أيضا جعلوه من الأضداد.
وقال إبراهيم الحربي: في كتابه " غريب الحديث ": الصقب بالصاد ما قرب من الدار ويجوز أن يقال: سقب فتكون السين عوض الصاد لأنه في أول الكلمة، وكذا لو كان في أول الكلمة خاء أو غين أو طاء فنقول صخر وسخر، وصدغ وسدغ، وصطر وسطر، فإن تقدمت هذه الحروف الأربعة السين لم تجز ذلك، فلا يقال خصر وخسر، ولا قصب وقسب، ولا غرس وغرص.
وفي " المغرب ": السقب القرب والاتصال، وأريد بالسقب هنا الساقب على معنى ذو السقب تسميته بالمصدر. وفي " الجمهرة ": يقال سقبته الدار وأسقبت لغتان فصيحتان، والمنزل