وضرر القسمة مشروع لا يصلح علة لتحقيق ضرر غيره. وأما الترتيب فلقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الشريك أحق من الخليط والخليط أحق من الشفيع»
ــ
[البناية]
م:(وضرر القسمة مشروع) ش: هذا جواب عن قول الشافعي لأن مؤنة القسمة تلزمه عند بيع أحد الشريكين؛ لأنه جعل العلة المؤثرة في استحقاق الشفعة عند البيع لزوم مؤنة القسمة، فإنه لو لم يأخذ الشفيع المبيع بالشفعة طالبه المشتري بالقسمة فيلحقه بسبب مؤنته، وذلك ضرر به فمكنه الشرع من أخذ الشفعة دفعا للضرر عنه.
وتقرير الجواب أن مؤنة القسمة أمر مشروع م:(لا يصلح علة لتحقيق ضرر غيره) ش: وهو التملك على المشتري من غير رضاه لدفع ضرر القسمة؛ لأنه ليس بضرر بل العلة هي دفع ضرر الجوار باتصال الملكين على الدوام.
فإن قلت: ضرر الدخيل موهوم، وربما يكون وربما لا يكون لأنه مسلم مميز عاقل وعقله ودينه يمنعانه عن إضرار الغير وضرر المشتري وهو أخذ الملك منه بلا رضاه متحقق، فلا يلتزم ضرر المتحقق لدفع ضرر موهوم. ولو كان ضرر الدخيل موجودا لا موهوما يمكن رفعه بالمرافعة إلى السلطان أو بالمقابلة قلت: لا نسلم أن ضرر الدخيل موهوم بل هو غالب، فإن الإنسان لا يمكنه الانتفاع بملكه مدة عمره ولا يتأذى من جاره، فما أجزأ من قال قبل حلوله لأنه إذا نزل ربما يمكن دفعه، وربما لا يمكن فلا فائدة إذن في الاشتغال بالدفع والضرر الذي يلحق من جهة الدخيل بعضه ظاهر وبعضه باطن. فلا يمكن رفع جميع ذلك إلى السلطان وفيه حرج. وربما يحصل ضرر في باب السلطان أي في المقابلة فوق ضرر سوء الصحبة، فلا يحمل إلا على الدفع الأدنى.
فإن قلت: العلة في استحقاق الشفعة للشريك دفع ضرر المقاسمة، فلا يتحقق هذا المعنى في الجار فلا يثبت له الشفعة. قلت: المقاسمة حق مستحق على الشريك فلا يكون من الضرر.
فإن قلت: في المملوك بالإرث والهبة والوصية لا يثبت الشفعة فينتقض عليكم.
قلت: عدم الثبوت في هذه الأشياء لقلة وجودها بخلاف البيع، وأيضا فإنها لو ثبت فيها إما أن يثبت بعوض فلا يمكن وهو ظاهر، أو بغير عوض فليس بمشروع في الشفعة.
م: (وأما الترتيب فلقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الشريك أحق من الخليط والخليط أحق من الشفيع» ش: هذا عطف على قوله أما الثبوت، قد مر أن لفظ القدوري دل على شيئين ثبوت الشفعة والترتيب. أما ثبوتها فبالأحاديث المذكورة، وأما الترتيب فلقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولكن لم يثبت