وكذا لو باع شفعته بمال لما بينا، بخلاف القصاص لأنه حق متقرر، وبخلاف الطلاق والعتاق لأنه اعتياض عن ملك في المحل. ونظيره إذا قال للمخيرة: اختاريني بألف،
ــ
[البناية]
فمتى سلم له الثمن فقد سلم له نوع عوض بإزاء التسليم، فلا بد من القول لسقوط حقه في الشفعة، فإن المكفول له لم يرض بسقوط حقه عن الكفيل بغير عوض ولم يحصل له عوض أصلا فلا يسقط حقه في الكفالة، انتهى. ومن هذا الجواب يحصل الجواب عن النظر المذكور.
م:(وكذا لو باع شفعته بمال) ش: يعني من البائع أو المشتري تسقط شفعته بالاتفاق ولا يلزمه المال؛ لأن البيع تمليك مال بمال، وحق الشفعة لا يحتمل التمليك، فصار عبارة عن الإسقاط مجازا، كبيع الزوج زوجته من نفسها، وهذا إذا باع من البائع أو المشتري لأنه إعراض عن الشفعة، أما إذا باع عن الأجنبي يبطل العوض، ولا تبطل الشفعة لأنه تحقيق للشفعة وتقريرها كذا في " الجامع الكبير " م: (لما بينا) ش: أشار به إلى قوله أن حق الشفعة مجرد حق التملك فلا يصح الاعتياض عنه.
م:(بخلاف القصاص لأنه حق متقرر) ش: هذا جواب عما يقال حق الشفعة كحق القصاص في كونه غير مال، والاعتياض عنه صحيح، فأجاب عنه بقوله بخلاف القصاص لأنه حق متقرر، والفاصل بين المتقرر وغيره أن ما يعتبر بالصلح عما كان قبله فهو متقرر وغيره غير متقرر، واعتبر في ذلك في الشفعة والقصاص، فإن نفس القاتل كانت مباحة في حق من له القصاص، وبالصلح حصل بالعصمة في دمه، فكان حقا متقررا.
وأما في الشفعة فإن المشتري يملك الدار قبل الصلح وبعده على وجه واحد فلم يكن حقا مقصودا.
م:(وبخلاف الطلاق والعتاق) ش: هذا جواب عما يقال حق الشفعة كحق الطلاق والعتاق في كونها غير مال، فأجاب بقوله بخلاف الطلاق والعتاق م:(لأنه) ش: أي لأن كل واحد من الطلاق والعتاق م: (اعتياض عن ملك في المحل) ش: تقريره أن الطلاق والعتاق ليس بمال لكن للزوج ذلك في المحل فيجوز الاعتياض عنه، أما الشفيع فلا ملك له في المحل بل له حق التملك.
ولهذا كان لولي الصغير أن يسقط الشفعة، ولو كان له ملك لما جاز له ذلك م:(ونظيره) ش: أي نظير حق الشفعة م: (إذا قال للمخيرة: اختاريني بألف) ش: يعني إذا قال الزوج لامرأته اختاري نفسك ثم ندم فقال اختاريني بألف، فإن الحق يسقط ولا يجب المال، فتكون المخيرة نظير حق الشفعة.