عوضا عما بقي من حقه في نصيب صاحبه، فكان مبادلة وإفرازا.
ــ
[البناية]
ذلك البعض الذي كان لصاحبه م:(عوضا عن ما بقي من حقه في نصيب صاحبه) ش: انتصاب عوضا على الحال من الضمير المنصوب في يأخذه م: (فكان مبادلة) ش: أي إذا كان الأمر كذلك تكون القسمة مبادلة حقيقة، وإنما ذكر الفعل باعتبار القسم والتقاسم م:(وإفرازا) ش: من حيث الحكم. أي تمييزا يقال: أفرزت الشيء إذا عزلته من غيره وميزته مثل فرزته وفارز شريكه أي فاصله.
اعلم أن القسمة قد تقع في أموال متغايرة ومتجانسة، أما المغايرة فمثل الدور والأراضي المختلفة والثياب والدواب وصنوف الأموال المتغايرة، ففي هذه المواضع تقع القسمة معاوضة فيها معنى الإفراز.
وأما المعاوضة فلأنه نقل حقه من محل إلى محل آخر بعوض وأما الإفراز فلأن المالك لم يحدث بالقسم، لأنه كان ثابتا قبلها، لكن على سبيل الاختلاط فهو بالقسمة يتميز عن ملكه وملك صاحبه يبين حقه في هذا المقسوم، فلما ظهر معنى المعاوضة هاهنا توقفت الصحة على اختيارهما حتى لو أراد أحدهما أن يقسم وامتنع الآخر لا يجبر عليه، لأن الجبر على المعاوضة لا يستقيم.
وأما المجانسة فمثل المكيل والموزون والدراهم والدنانير، فإن معنى الإفراز ظاهر هنا، لأن ما صار له بالقسمة لا يغاير ما كان له قبل ذلك، فصار كأنه عين حقها لاستوائهما في تعلق المصالح والأعراض بهما، ولهذا يأخذ أحد الشريكين نصيبه حال غيبة الآخر.
وكذا يبيع أحدهما نصيبه في غيبة الآخر. وكذا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة إذا اشتراه ثم اقتسماه.
بخلاف الأشياء المتغايرة حيث لا يأخذ أحدهما نصيبه في عين الآخر، وكذا لا يبيعه مرابحة. وفي " الفتاوى الصغرى " القسمة ثلاثة أنواع، قسمة لا يجبر الآبي كقسمة الأجناس المختلفة. وقسمة يجبر في ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات، وقسمة يجبر الآبي في غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم. والخيارات ثلاثة: خيار شرط، وخيار عيب، وخيار رؤية.
ففي قسمة الأجناس المختلفة ثبت الخيارات أجمع، وقسمة ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات فإنه يثبت خيار العيب، وهل يثبت خيار الرؤية والشرط، على رواية أبي سليمان يثبت وهو الصحيح وعليه الفتوى، وعلى رواية أبي حفص لا يثبت.