"صحيحه " وأخرجها الترمذي عن أبي معاوية متصلاً، ثم قال في آخره: حديث حسن صحيح.
وقال ابن رشد في قواعده: وصحح قوم من أهل الحديث هذه الزيادة يعني تتوضأ لكل صلاة، وقال في موضع آخر: صححها أبو عمر بن عبد البر، وذكر البيهقي عن الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قيل له روينا أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، قال: نعم، قد رويتم ذلك وبه نقول قياسا على سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الوضوء مما خرج من دبر أو ذكر أو فرج ولو كان محفوظاً لكان أحب إلينا من القياس. قلت: يلزم على قياس الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن لا تختص المستحاضة بفرض واحد كالوضوء مما يخرج من أحد السبيلين.
فإن قلت: الفرق أن حديث المستحاضة بعد الفرض موجود قائم.
قلت: فواجب أن لا تصلي بعد ذلك نافلة، ثم إنه خصص العموم وجوز من النوافل ما شاءت، وجعل التقدير لكل صلاة فرض، فكما أضمر ذلك فلزمه أن يضمر الوقت ويقول التقدير لوقت كل صلاة على أنا نقول قد روى ذلك على ما ذكرنا.
فإن قلت: ذكر البيهقي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة» وحكي عن أبي بكر الفقيه أنه قال: أخبر - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أن الله تعالى أمره بالوضوء إذا قام إلى الصلاة لا دخول وقت الصلاة أو خروجه.
قلت: ظاهره متروك بالإجماع بين الفقهاء، وإنما يؤمر بالوضوء من قام إلى الصلاة وهو فرض، ومن قال: بانتقاض طهارتها عند خروج الوقت أو دخوله لا يأمرها بالوضوء عند ذلك، وإنما يقول: طهارتها مقيدة بالوقت على مقتضى ما مر، فإذا خرج الوقت أو دخل على حسب اختلافهم عمل على حكم الحديث السابق.
فإذا أرادت الصلاة بعد ذلك فقد أرادتها وهي محدثة فتؤمر بالوضوء عملاً بذلك الحديث، ونظير هذا الماسح على الخف إذا انقضت مدته فإنه تنقض طهارته بلا خلاف وإن كان لم يقم إلى الصلاة، ولما ألغى الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طهارتها في حق النوافل وإن كان في ذلك مخالفة لطرد هذا الحديث أعني قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة» فلذلك خصه بنفي طهارتها في حق الصلاة كلها ما دام الوقت باقياً عملاً بحديث المستحاضة "تتوضأ لكل صلاة" بإضمار الوقت كما ذكرنا.