ومعاملة النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أهل خيبر كان خراج مقاسمة بطريق المن والصلح، وهو جائز
ــ
[البناية]
(ومعاملة النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أهل خيبر كان خراج مقاسمة بطريق المن والصلح، وهو جائز) ش: هذا جواب عما استدلا به من حديث خيبر، وتقريره أنه لم تكن بطريق المزارعة، والمساقاة، بل كانت بطريق الخراج على وجه المن عليهم، والصلح؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ملكها غنيمة.
فلو كان أخذها كلها جاز، وتركها في أيديهم بشرط ما يخرج منها فضلا، وكان ذلك خراج مقاسمة، وهو جائز كخراج التوظيف ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في جواز المزارعة، والمعاملة، وخراج المقاسمة أن يوطن الإمام في الخارج شيئا مقدار عشر، أو ثلث، أو ربع، ويشترك الأراضي على ملكهم منا عليهم، فإن لم تخرج الأرض شيئا فلا شيء عليهم، وهذا تأويل صحيح لم ينقل عن أحد من الرواة أنه يضرب في رقابهم أو رقاب أولادهم.
وقال أبو بكر الرازي في شرحه "لمختصر الطحاوي ": ومما يدل على أن ما شرط من نصف التمر. والزرع، وكان على وجه الجزية أنه لم يرد في شيء من الأخبار أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ منهم الجزية إلى أن مات، ولا أبو بكر، وعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إلا بأن أخذاهم ولو لم يكن ذلك الأخذ حين نزلت آية الجزية، والخراج الموظف أن يجعل الإمام في ذمتهم بمقابلة الأراضي شيئا من كل جريب يصلح للزراعة صاعا، ودرهما على ما عرف في كتاب " السير ".
فإن قلت: روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم أراضي خيبر على ستة وثلاثين سهما، وهذا يدل على أنها ما كانت خراج مقاسمة.
قلت: إنه يجوز أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم خراج الأرض بأن جعل خراج هذه الأرض لفلان، وخراج هذه لفلان. قلت: روي أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -أجلى أهل خيبر ولم يعطهم قسمة الأرض. فيدل ذلك على عدم الملك. قلت: أجاز أنه ما أعطاهم زمان الإجلاء، وأعطاهم بعد ذلك.
فإن قلت: قال ابن قدامة في " المغني ": أحاديث رافع مضطربة تارة يحدث عن بعض عمومته، ومرة عن سماعه، وتارة يقول بقوله: أخبرني عمار، فإذا كانت أخبار رافع هكذا وجب طرحها، ويعمل بالحديث الوارد في شأن خيبر؛ ولأن حديثه فسر بما لا يختلف في فساده، فإنه قال:«كنا نكري الأرض على أن لنا هذه، ولهم هذه، فربما خرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الذهب، والورق فلم ينهنا» . متفق عليه، وفي لفظه: فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس، وهذا خارج عن محل الخلاف فلا دليل ولا تعارض؛ ولأن خبره ورد في الكري بالثلث، أو بالربع، والنزاع في المزارعة، وحديثه الذي فيه المزارعة يحيل على