والبذر من جنس والعمل والبقر من جنس، والمنظور إليه استئجار يجعل كأن العامل استأجر الأرض أو رب الأرض استأجر العامل.
والوجه الثاني والثالث: مما فيه استئجار الأرض والعامل أدى الوجه أمر رابع على ظاهر الرواية باطل لأن المشروط شيئان غير متجانسين فلا يمكن أن يكون أحدهما تبعا للآخر بخلاف المتجانسين فالأشرف أو الأصل يجوز أن تسع الأخ والفرع. وأما الأنواع المتفرقة من الأنواع الأربعة فمثل أن يكون البذر من أحدهما والباقي من الآخر فهذه المزارعة فاسدة لأنه يصير مستأجرا للأرض والبقر والعامل جميعا بالبذر ولم يرد الشرع به.
قال فخر الدين قاضي خان في " الجامع الصغير ": وعن أبي يوسف أنه يجوز، لأنه استئجار للعامل والأرض ببعض الخارج، وكل واحد منهما جائز عند الانفراد، فكذا عند الاجتماع. وكذلك إن كان البقر وحده من أحدهما والباقي من الآخر فالمزارعة فاسدة في ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف أنه جوز ذلك، كذا في " تجريد المحيط "، وكذلك إذا كان البقر والبذر من أحدهما والأرض والعمل من الآخر فالمزارعة فاسدة، لأن الشرع لم يرد به.
وفي الخارج اختلاف الرواية في الوجهين في رواية لصاحب البقر والبذر كسائر المزروعات الفاسدة. وفي وراية يكون لصاحب الأرض ويكون ذلك قرضا، وكذلك لو اشترك أربعة من أحدهم البذر، ومن الآخر العمل، ومن الآخر البقر، ومن الآخر الأرض فالمزارعة فاسدة.
وقال محمد بن الحسن في كتاب " الآثار ": أخبرنا عبد الرحمن الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد قال: «اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال واحد: من عندي البذر، وقال: الآخر: من عندي العمل. قال فألقى رسول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صاحب الأرض وجعل لصاحب العمل درهما لكل يوم، وألحق الزرع كله لصاحب الأرض» انتهى. والفدان بالتشديد والتخفيف اسم للثورين اللذين يحرث بهما. قوله: ألقى صاحب الأرض، يعني لم يجعل له شيئا من الخارج، لأنه لا يستوجب مثل الأرض وأعطى لصاحب العمل كل يوم درهما، لأن ذلك كان أجر مثل عمله ولم يذكر أجر الفدان لكونه معلوما من أجر العامل.
م:(وهاهنا وجهان آخران باطلان لم يذكرهما) ش: أي وجهان آخران باطلان لم يذكرهما