ولأن بها يتميز الدم النجس من اللحم الطاهر، وكما يثبت به الحل يثبت به الطهارة في المأكول وغيره فإنها تنبئ عنها، ومنه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ذكاة الأرض يبسها»
والمترتب على المشتق معلول الصفة المشتق منها، لكن لما كان الحل ثابتا بالشرع جعلت شرطا م:(ولأن بها) ش: أي بالذكاة، وذكر الضمير باعتبار الذبح م:(يتميز الدم النجس من اللحم الطاهر) ش: ولا يلزم الجراد والسمك لأن حلهما بلا ذبح ثبت بالنص، وفي السنة المشهورة فخرجا من عموم الآية م:(وكما يثبت به) ش: أي بالذكاة على تأويل الذبح م: (الحل يثبت به الطهارة في المأكول وغيره) ش: أي غير المأكول إلا الآدمي والخنزير، فإن الذكاة لا تلحقهما.
قال الفقيه أبو الليث وذكر عن الكرخي أنه قال: إذا صلى ومعه شيء من لحم السباع وقد ذبح جازت صلاته، ولو وقع في الماء لم ينجسه. وكان الفقيه أبو جعفر يقول: هو نجس لا يجوز الصلاة معه ولو وقع في الماء أفسده، وهو موافق لقول نصير وبه نأخذ. هكذا ذكره في النوازل في كتاب الصلاة.
م:(فإنها تنبئ عنها) ش: أي فإن الذكاة تنبئ عن الطهارة م: (ومنه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ذكاة الأرض يبسها» ش: أي وكون الذكاة عبارة عن الطهارة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ذكاة الأرض يبسها» أي طهارة الأرض عن رطوبة النجاسة يبسها بالشمس أو الهواء، وهذا ليس بحديث. قال في " الفائق ": هو من كلام محمد بن علي وهو محمد بن الحنفية لا من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قلت: أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن أبي جعفر محمد بن علي قال: ذكاة الأرض يبسها، وأخرج عنه وعن أبي قلابة قال: إذا جفت الأرض فقد ذكيت.
وروي عن عبد الرزاق في " مصنفه " وقال: أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: جفوف الأرض طهورها. والعجب من صاحب النهاية وشيخه الكاكي قبله كيف لم يتعرضا لهذا وسكتا عليه جزما منهما أنه حديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وآفة هذه الأشياء التقليد!
وقال في " القاموس " معناه: إذا يبست الأرض من رطوبة النجاسة فذاك يطهرها كما أن الذكاة تحل الذبيحة، وثم قال: الذكاة الحياة، من ذكت النار إذا حيت واشتعلت وكأن الأرض