للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - يحتج بظاهر ما ذكرنا إذ لا فصل فيه، ولكنا نقول في اعتبار ذلك من الحرج ما لا يخفى؛ لأن الإنسان كثير النسيان والحرج مدفوع. والسمع غير مجري على ظاهره، إذ لو أريد به لجرت المحاجة وظهر الانقياد وارتفع الخلاف في الصدر الأول والإقامة.

ــ

[البناية]

م: (ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - يحتج بظاهر ما ذكرنا إذ لا فصل فيه) ش: أي لا فصل في ظاهر ما ذكرنا من الآية لأن قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] ، يشمل العمد والنسيان جميعا، لعدم القيد بأحدهما.

وقال صاحب " العناية ": واستدل مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - بظاهر قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] ، فإن فيه النهي بالمنع وجه وهو تأكيده بمن الاستغراقية عن كل متروك التسمية، وهو بإطلاقه يقتضي الحرمة من غير فصل وهو أقرب لا محالة من مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنه مذهب ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.

قلت: قدمنا أن مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - ليس كذلك وإنما مذهبه كمذهبنا كما صرح به أصحابنا في كتبهم، والعجب من صاحب العناية لم يبينه على هذا مع قدرته على كتب المالكية حتى قدر مذهبه بما قرره، ثم قال وهو أقرب.

فكأنه رأى هذا صوابا، وعجب منه صاحب " الهداية " مع جلالة قدره نسبه إلى مالك ما ليس بمذهبه. ثم قرره ثم أجاب عنه م: (ولكنا نقول في اعتبار ذلك) ش: أي النسيان م: (من الحرج ما لا يخفى؛ لأن الإنسان كثير النسيان والحرج مدفوع) ش: بالنص وهو قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .

فيحمل على حالة العمد دفعا للتعارض م: (والسمع) ش: أي المسموع في هذا الباب من الآية والحديث م: (غير مجري على ظاهره) ش: من حيث لم يرد منه العموم ظاهرا، م: (إذا لو أريد به) ش: أي لأنه لو أريد النسيان بالنص م: (لجرت المحاجة) ش: أي التحاجج بين الصحابة بالآية م: (وظهر الانقياد وارتفع الخلاف في الصدر الأول) ش: وهم الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

تقرير هذا الكلام أن الصحابة اختلفوا في متروك التسمية ناسيا، ولم يحتج من قال حرمت بالآية. فلو جرت الحاجة بها لارتفع الخلاف بينهم. فيه نظر انقياد من قال: يحل متروك التسمية ناسيا، ورجع عن قوله حيث لم تجر المحاجة ولم يرجع الخلاف علم أن الآية متروك الظاهر، وليس المراد به النسيان بل المراد منه العمد. م: (والإقامة) ش: مرفوع بالابتداء.

وجواب عن قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أقيمت الملة مقام التسمية في حق الناسي،

<<  <  ج: ص:  >  >>