وما رواه محمول على غير المنزوع فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك
ــ
[البناية]
والأحسن أن يستدل لأصحابنا بما رواه البخاري في " صحيحه ".
وقال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا معمر عن عبيد الله عن نافع قال: سمعت ابن كعب بن مالك «عن ابن عمر أن أباه أخبره أن جارية لهم ترعى بسلع فأبصرت بشاة من غنمها موتها فكسرت حجرا فذبحتها فقال لأهله: لا تأكلوا حتى آتي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو حتى أرسل إليه من يسأله، فأتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو بعث إليه، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأكلها» .
وجه الاستدلال: أن الأصل في النصوص التعليل، والحجر يصلح آلة للذبح لمعنى الجرح فكذا الظفر المنزوع، والسن المنزوعة بخلاف غير المنزوع، فإنه لا يصلح آلة لكونه مدى الحبشة، وهو مجمل الحديث الأول.
م:(وما رواه) ش: أي الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(محمول على غير المنزوع، فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك) ش: إظهارا للجلادة. فإنهم لا يقتلعون ظفرا، ويحدون الأسنان بالمبرد، ويقاتلون بالخدش والعض. هكذا ذكره النسفي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وفي " الأسرار ": لو لم يكن تعليله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإنها مدى الحبشة» غير المنزوع لأن السن والظفر مطلقا يذكره ويراد به غير المنزوع، أما المنزوع بذكر مقيد، يقال: سن منزوع، والظفر المنزوع ولم يذكر مطلقا.
أما القرن ينبغي أن لا يكره، بالنظر إلى تعليله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد قال ابن القطان - رَحِمَهُ اللَّهُ - بعد أن ذكر حديث الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - المذكور الذي أخرجه مسلم - رَحِمَهُ اللَّهُ - من حديث سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خريج - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الحديث فيه شك في شيئين في اتصاله، وفي قوله:«أما السن فعظم» هل هو من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم لا. فقد روى أبو داود - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق، وسفيان الثوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده «رافع ابن خديج - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قال: أتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت له: يا رسول الله: إنا ملاقو العدو غدا، وليس عندنا مدى أفنذبح بالمروة وشقة العصا؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا» .
قال رافع: سأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة، قال: فهذا كما ترى فيه زيادة رفاعة بن عباية وجده رافع، وفيه بيان قوله: أما السن فمن كلام رافع، وليس في حديث مسلم - رَحِمَهُ اللَّهُ - من رواية الثوري وأخيه عن أبيهما ذكر لسماع عباية من جده رافع