للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن ذلك نادر، ونحن نقول: المعتبر حقيقة العجز وقد تحقق فيصار إلى البدل، كيف وأنا لا نسلم الندرة بل هو غالب

ــ

[البناية]

وبقوله قال الليث وربيعة م: (لأن ذلك نادر) ش: فلا يتغير عن حكمه الأصلي.

م: (ونحن نقول: المعتبر حقيقة العجز، وقد تحقق فيصار إلى البدل، كيف وأنا لا نسلم الندوة بل هو غالب) ش: يدل عليه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن لها أوابد كأوابد الوحش» يعني أن لها توحش كتوحش الوحش، فقد اعتبر التوحش.

فإن قلت: روي أن ناضحًا وقع في بئر، فسئل سعيد بن المسيب - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أو ننحر من مؤخره وكان رأسه في السفل، فقال: لا إلا في نحر إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

قلت: وروى مسلم عن زائدة: أخبرنا سعيد بن مسروق عن عباية عن جده قال: «كنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذي الحليفة، فأصاب الناس جوع شديد فأصابوا إبلا وغنما، قال: وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أخريات القوم، فعجلوا وذبحوا وقد نصبت القدور، فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالقدور فأكفيت، ثم قسم بينهم فعدل عشرا من الغنم ببعير فند بعير من إبل القوم، وليس في القوم إلا خيل يسيرة، فرماه رجل بسهم فحبسه فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم منها، فاصنعوا به هكذا» .

وأخرجه البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا بإسناده إلى عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وروى محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتاب " الأصل "، وفي كتاب " الآثار " أيضا: أخبرنا أبو حنيفة عن سعيد بن مسروق عن عباية أبو رفاعة عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أن بعيرا تردى في بئر بالمدينة، فلم يقدر على نحره فوخز بسكين من قبل خاصرته حتى مات، فأخذ منه ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عشيرا بدرهمين.

وقال محمد أيضا: أخبرنا أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن حماد عن إبراهيم في مترد في بئر على إذا لم يقدر على منحره فحيث ما جاءت فهو منحره. وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وبه أخذ، وهو قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وقال البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " صحيحه ": ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش، وأجازه ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردى في بئر من حيث قدرت، ورأى ذلك علي، وعمر، وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: إلى هنا لفظ البخاري في " صحيحه "، فإذا كان كذلك فالتمسك بقول ابن المسيب بعيدا جدا قوله: فأكفيت أي أفرغت، قوله: فند بعير أي شذ وهرب، قوله: عشيرا بفتح العين المهملة، وكسر الشين المعجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>