للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخل فيه الضبع والثعلب، فيكون الحديث حجة على الشافعي في إباحتهما

ــ

[البناية]

البهائم كيلا يعدو شيء من هذه الذميمة إلى الآكل لأن العدو أثر في ذلك كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا يرضع لكم الحمقى فإن اللبن يعدي» وكانت الحرمة كرامة لبني آدم كما كانت الإباحة كذلك أو كان معنى التحريم الإيذاء والخبث تارة يكون بالناب، وتارة يكون بالمخلب والخبث يكون خلقة كما في الهوام والحشرات، أو بعارض كما في الجلالة.

م: (ويدخل فيه الضبع والثعلب) ش: أي في التحريم لأنها ذو ناب من السباع م: (فيكون الحديث حجة على الشافعي في إباحتهما) ش: أي الحديث المذكور وإباحتهما مصدر مضاف إلى مفعوله وطوى ذكر الفاعل، والتقرير في إباحتهما، وبقوله قال مالك وأحمد - رحمهما الله - في الضبع، وأحمد أيضا في الثعلب في رواية، وفي أكثر الروايات عنه أنه حرام، وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو قولنا. واحتجوا في ذلك بما أخرجه الترمذي في الحج والأطعمة، والنسائي في الصيد والذبائح، وابن ماجه في الأطعمة، كلهم «عن عبد الرحمن بن أبي عمار - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سألت جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن الضبع: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: أنت سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: نعم» .

قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال في " علله ": قال البخاري: حديث صحيح، ورواه ابن حبان في " صحيحه " بهذا السند. ورواه الحاكم في " المستدرك " عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الضبع صيد، فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مسن ويؤكل» وقال: حديث صحيح، ولم يخرجاه.

وأخرجه أبو داود بسند " السنن "، ولم يذكر فيه الأكل، ولفظه قال: «سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الضبع فقال " هو صيد ويجعل فيه كبش إذا اصطاده المحرم» " وأخذوا من هذا اللفظ إباحة أكله زاعمين أن الصيد اسم للمأكول، ومنشأ الخلاف في قوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] فعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لو قتل السبع ونحوه مما لا يؤكل لا يجب عليه شيء. وعندنا: يجب عليه الجزاء لأن الصيد اسم للممتنع المتوحش في أصل الخلقة، قالوا: لو كان هذا مرادا لخلا عن الفائدة إذ كل أحد يعرف أن الضبع ممتنعة متوحشة. فإنما سأل جابر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عن أكلها سيما وقد ورد التصريح بأكلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>