وعن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا
ــ
[البناية]
وقوله: سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] عام خص منه غير الطافي من السمك بالاتفاق وبالحديث المشهور. والطافي مختلف فيه فبقي داخلا في عموم الآية.
قوله: " وما نضب " بالنون والضاد المعجمة والباء الموحدة من النضوب وهو ذهاب الماء.
قوله " ولفظه " أي رماه لأن اللفظ في اللغة الرمي، يقال: لفظت الرحى الدقيق أي رمته وقوله: وما طفا أي على وجه الماء.
م: (وعن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا) ش: أي وروى عن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا أن الطافي لا يحل وقد روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " كراهية الطافي عن جابر بن عبد الله وعلي بن أبي طالب وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
وكذا عن ابن المسيب وأبي الشعثاء، والنخعي وطاوس والزهري - رَحِمَهُ اللَّهُ - وكذا نقل عبد الرزاق في " مصنفه " وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: كل ما جزر عنه الماء وما قذف به، ولا تأكل ما طفا. يقال جزر الماء يجزر إذا قل ماؤه والجزر ضد الماء ومادته جيم ثم زاء معجمة.
فإن قلت: روى البيهقي من حديث الثوري عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال: أشهد على أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: السمك الطافي حلال لمن أراد أكله. وزاد فيه وكيع عن سفيان: الطافية على الماء. وروى أيضا من حديث هشام حدثنا قتادة عن جابر بن زيد أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: الجراد والنون ذكي كله.
وروى غيره أيضا عن الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: الحيتان والجراد ذكي كله.
وروى غيره عن أبان عن ابن عباس عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل ما طفا البحر» .
قلت: روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن علي بن مسهر عن الأجلح عن ابن أبي الهذيل سأل رجل ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: إني آتي البحر فأجده قد جعل سمكا كثيرا فقال: كل ما لم تر سمكا طافيا.
وروى عبد الرزاق - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مصنفه " عن الثوري عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: سمعت ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يقول: لا تأكل طافيا.
وحديث عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لا ينافيا حديث جابر. وأما حديث أبان فإنه