حجة على مالك والشافعي - رحمهما الله - في نفي الجواز بعد الصلاة قبل نحر الإمام.
ــ
[البناية]
الحديث. م:(حجة على مالك والشافعي - رحمهما الله - في نفي الجواز بعد الصلاة قبل نحر الإمام) ش: مذهب الشافعي ليس كذلك؛ لأنه ما يشترط نحر الإمام، ولكنه اشترط فراغ الإمام عن الخطبة فمن هذا الوجه يكون حجة عليه، لا من الوجه الذي ذكره، ولذلك قال في " المحلى ": لا معنى لمنع الشافعي التضحية قبل تمام الخطبة؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يحدد وقتا لتضحيته بذلك، فإنما مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - هو الذي شرط نحر الإمام.
واختلف أصحاب مالك في الإمام الذي لا يجوز أن يضحى قبل تضحيته. قال بعضهم: هو أمير المؤمنين، وقال بعضهم: أمير البلد، وقال بعضهم: هو الذي يصلي بالناس صلاة العيد.
وقال ابن حزم: وقول مالك فلا حجة به، وخلاف الخبر أيضا، إذ لم يأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقدر المراعاة قدر لصحة الغير وما يعرف في مراعاة تضحية الإمام عن أحد قبله. قيل في جوابه: فقد أخبر أبو الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى نحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
والجواب عن هذا: أن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن أول نسكنا في هذا اليوم....» الحديث، يدل عل أن الوقت نحر الإمام، وقيل الصلاة، لإضافة النسك إلى اليوم، وهو من أول طلوع الفجر، إلا أن في المصر شرط الصلاة بجوازها لحديث البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الذي ذكره عن قريب.
فإن قلت: المعارضة لا تندفع مما ذكرت.
قلت: تندفع بحديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هذا لا يساوي حديث البراء، لصحة حديث البراء، ولعدم تبين صحة ذلك.
وفي " الدراية ": ولو كانت بلدة لا يصلى فيها لوقوع الفتنة، ولغلبة أهل الفتنة، أو لعدم السلطان أو نائبه يضحون بعد الزوال لا قبله؛ لأن قبل ذلك الصلاة مرجوح.
وفي " فتاوى الولوالجي ": بلدة وقع فيها فتنة ولم يبق فيها وال ليصلي بهم صلاة العيد، فضحى بعد طلوع الفجر جاز. وهو المختار؛ لأنه صارت البلدة في حق هذا الحكم كالسواد.
وفي " الفتاوى الكبرى ": ولو كانت الصلاة إما سهوا أو عمدا جاز لهم التضحية في هذا اليوم، ولو خرج الإمام إلى الصلاة من الغد فضحى الناس قبل أن يصلي الإمام، جاز؛ لأن الوقت المسنون فات من زوال الشمس من اليوم الأول فبعده الصلاة على وجه القضاء فلا تظهر