ولم يذكر البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - الأكل ولا ذكر الذهب، أخرجه البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الأشربة، ومسلم - رَحِمَهُ اللَّهُ - في أول اللباس.
وأخرجه الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثم البيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن يحيى بن محمد الجاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع عن أبيه عن ابن عمر نحوه، وزاد فيه:«آنية الذهب والفضة» أو فيه شيء من ذلك، ويحيى الجاري فيه، فقال: أخرجاه في الطهارة.
وروى البخاري أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «كان حذيفة بالمدائن فاستقى الماء وأتى دهقان بقدح فضة فرمى به فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته، وأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة وقال:" هي لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة» ".
وقال الخطابي: أصل الجرجرة هدير الفحل إذا اهتاج ويقال: جرجر الفحل إذا هدر في شقشقته، ومثله جرجرة الرحى. وقال الجوهري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الجرجرة صوت يردده البعير في حنجرته ومعناه يرددها في بطنه.
وقال صاحب " العناية ": و " نار " منصوب على ما هو محفوظ من الثقات.
قلت: روى الزمخشري أيضا بالنصب في تابعه واقتصر عليه وقال: أي يرددها فيه من حرز الفحل إذا ردد الصوت في حنجرته. انتهى. ذلك يجوز فيه الوجهان.
قال الخطابي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وفي إعرابه وجهان: أحدهما: إن رفع النار، أي كأنه يصوت في جهة بطنه نار جهنم، والوجه الآخر: أن ينصب النار، أي كأنه يجرع في شربه نار جهنم: كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}[النساء: ١٠] انتهى.
قلت: التحقيق في إعراب هذا الحديث الذي قوله: الذي: مبتدأ موصول، وقوله: يشرب من إناء الذهب: صلة، قوله: إنما يجرجر في بطنه نار جهنم: خبر المبتدأ، وهي جملة وفيها العائد إلى الاسم للأول، ثم قوله: يجرجر سواء رفعت النار أو نصبت على بناء الفاعل، ولكن معناه في النصب متعدد في الرفع لازم، ونار جهنم في النصب تردد وفي الرفع متردد، والأصل هذا الفعل لازم، ولكن يتعدى في النصب؛ لأنه يكون معنى يتجرع وهو من باب التضمين وفيه يصير اللازم متعديا، فافهم.
وهكذا فسره الزمخشري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في النصب بقوله: أي يرددها؛ لأنها حينئذ تتضمن جرجر معنى ردد، وردد متعد وإلا فأصله لازم لأنك تقول جرجر الرحى إذا سمع منه