سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمعناه ولم يذكر لفظه، ورواه ابن عدي في " الكامل " عن عبد الله بن زياد بن سمعان القرشي مولى أم سلمة عن سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم عن أبيه «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الرجل يطأ بنعله في الأذى، قال: "التراب لهما طهور» ، وعبد الله بن زياد ضعفه البخاري ومالك وأحمد وابن معين، ورواه الدارقطني مسنداً إلى ابن سمعان وهو ضعيف، وقال ابن الجوزي: قال مالك: هو كذاب، وقال أحمد: متروك الحديث.
قوله: الأذى، أراد به النجاسة، وينحل النعل: الحذاء مؤنثة وتصغيرها فعيلة، وقال ابن الأثير: وهي التي تلبس في المشي مملوة.
وجه الاستدلال بالأحاديث المذكورة ظاهر، فإنه قال فإن طهورهما التراب أي يزيل نجاستهما، وكان الأوزاعي يستعمل هذا الحديث على ظاهره وقال: يجزئه أن يمسح القذر في نعله أو خفه بتراب ويصلي فيه، وروي مثله عن عروة بن الزبير وكان النخعي يمسح النعل والخف يكون فيه السرقين عن باب المسجد ويصلي بالقوم.
وقال أبو ثور في الخف والنعل: إذا مسحهما بالأرض حتى لا يجد له ريحاً ولا أثراً رجوت أن يجزئه.
فإن قلت: الحديث مطلق فلم قيده أبو حنيفة بقوله النجاسة التي لها جرم؟ قلت: التي لا جرم لها خرجت بالتعليل، وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن التراب لهما طهور» أي مزيل نجاسته، ونحن نعلم يقيناً أن النعل والخف إذا شرب البول أو الخمر لا يزيله المسح ولا يخرجه من أجزاء الجلد فكان الخلاف في الحديث مصروفاً إلى الأذى الذي يقبل الإزالة بالمسح حتى إن البول أو الخمر لو استجر بالرمل أو التراب فجف فإنه يطهر أيضاً بالمسح على ما قال شمس الأئمة وهو الصحيح فلا فرق بين أن يكون جرر النجاسة منهما أو من غيرهما، هكذا ذكر الفقيه أبو جعفر والشيخ الإمام أبو بكر بن محمد ابن الفضل عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعن أبي يوسف مثل ذلك إلا أنه لم يشترط الجفاف.
فإن قلت: لعل الأذى المذكور في الحديث كان طيناً. قلت: الأذى في لسان الشرع يحمل على النجاسة كناية عن عينها، ولو كان طيناً لصرح باسمه ولم يذكره بالكناية لما فيه من اللبس، ويدل عليه قوله:«فإن الأرض لهما طهور» .