للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي أن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يدخل بعض القبائل التي كان مسترضعا فيهم، وكان يصافح العجائز. وعبد الله بن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - استأجر عجوزا لتمرضه، وكانت تغمز رجليه وتفلي رأسه. وكذا إذا كان شيخا يأمن على نفسه وعليها

ــ

[البناية]

وهي عجوز ترجى أن تكون فتنة ... وقد يبس الجنبان واحتدب الظهر

تروح إلى العطار تبغي شبابها ... وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر

وما غرني إلا خضاب بكفها ... وكحل بعينيها وأثوابها الصفر

بنيت بها قبل المحاق بليلة ... فصار محاق كله ذلك الشهر

قلت: هذا الذي ذكره تاج الشريعة كله من " المبسوط " و " الذخيرة ". م: (وقد روي أن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يدخل بعض القبائل التي كان مسترضعا فيهم وكان يصافح العجائز) ش: هذا غريب لم يثبت وإنما الذي روي عن أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: أنهما كانا يزوران أم أيمن - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت حاضنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رواه البيهقي وغيره.

م: (وعبد الله بن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - استأجر عجوزا لتمرضه وكانت تغمز رجليه وتفلي رأسه) ش: هذا أيضا غريب لم يثبت قوله تمرضه من التمريض يقال: مرضه أي قام عليه في مرضه. قوله: تفلي من فلى رأسه تفلي إذا أخذ القمل منه وفلى يفلو أيضا وفليت الشعر إذا تدبرته واستخرجت معائنه والمناسب هنا أن يكون قوله تفلي رأسه من المعنى الثاني على معنى أنها كانت تدبر شعر ابن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وتصلحه وتدهنه وتسرحه لأن هذا هو المناسب بحاله؛ لأنه كان ملكا ادعى الخلافة بأرض الحجاز فمن كانت هذه صفته لا تقمل رأسه فافهم.

م: (وكذا إذا كان شيخا يأمن على نفسه وعليها) ش: أي وكذا لا بأس بمصافحتها إذا كان الرجل شيخا كبيرا يأمن على نفسه وعلى نفس المرأة؛ لأن الشيخ الكبير لم يبق له إربة كالصغير. قال سبحانه وتعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] . وروى البيهقي في "سننه " عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: هو الرجل يتبع القوم وهو مغفل في غفلة لا يكترث النساء ولا يشتهيهن. وروي عن التيمي أنه قال: هو الذي ليس له إرب أي حاجة في النساء. ولا شك أن الشيخ الكبير ليس له إرب في النساء كما قلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>