ثم أخرجه عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أبي الزناد قال: «أخبرنا ابن جرهد عن أبيه: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر به وهو كاشف عن فخذه فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "غط فخذك فإنها من العورة» . وقال أيضا: حديث حسن، ثم أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد الأسلمي عن أبيه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«الفخذ عورة» وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وبسند أبي داود رواه أحمد في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه "، وزرعة بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمي وثقه النسائي وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: من زعم أنه زرعة بن مسلم بن جرهد فقد وهم، ورواه الدارقطني في "سننه في آخر الطهارة " من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، وحدثني آل جرهد عن مجاهد. ورواه الحاكم في " المستدرك "في كتاب "اللباس " عن سفيان عن سالم بن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد فذكره وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال ابن القطان في "كتابه ": وحديث جرهد له علتان: إحداهما: الاضطراب المؤدي لسقوط الثقة به وذلك أنهم يختلفون فيه، فمنهم من يقول: زرعة بن عبد الرحمن، ومنهم من يقول: زرعة بن عبد الله، ومنهم من يقول: زرعة بن مسلم، ثم من هؤلاء من يقول: عن أبيه، عن أبيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم من يقول: عن أبيه عن جرهد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم من يقول: زرعة عن آل جرهد عن جرهد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: وإن كنت لا أرى الاضطراب في الإسناد علة فإنما ذلك إذا كان من يدور عليه الحديث ثقة، فحينئذ لا يضره اختلاف الثقة فيه إلى مرسل ومسند، أو رافع وواقف، أو واصل وقاطع. وأما إذا كان الذي اضطرب عليه الحديث غير ثقة أو غير معروف فالاضطراب يوهنه أو يزيده وهنا وهذه حال هذا الخبر.
والعلة الثانية: أن زرعة وأباه غير معروفي الحال ولا مشهوري الرواية، انتهى. قلت: قال البيهقي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هذه أسانيد صحيحة. وقال الذهبي في "مختصره " لا تصل إلى الصحة بل هي صالحة الحجر بانضمام بعضها إلى بعض. فإن قلت: قد قال القاضي علاء الدين في " الجواهر ": النفي في حديث جرهد ثلاث علل، أحدها: أن في سنده اضطراب وقد بينه ابن القطان، والثانية: أن زرعة مجهول الحال، والثالثة: أن الترمذي أخرجه ثم قال ما أرى إسناده متصل.
قلت: الجواب ما قاله الذهبي الذي ذكرناه الآن على أن في هذا الباب أحاديث أخرى.