شرحبيل، فقد أخرج الطحاوي في " شرح الآثار ": حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا مغيرة عن الشعبي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ويونس عن الحسن: أنهما كرها أن ينظر العبد إلى شعر مولاته.
ونقل نجم الدين النسفي في "تفسيره "، عن سمرة بن جندب، مثل قول سعيد. وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ولنا فيه نظر؛ لأنه لو كان صحيحا - وسمرة من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لنقل عنه الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لشدة سفر في "الأخبار والآثار"
قلت: هذا نظر عليه غشاوة لأن عدم نقل الطحاوي لا يدل على عدم صحة ما روي عن سمرة، ولا شدة سفره يستلزم وقوفه على جميع الأخبار، وقال السفناقي: أطلق السعيد ولم يقيده بالنسبة يتناول السعيد بن أبي سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومعه على ذلك الكاكي وصاحب " العناية ". وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وفيه نظر؛ لأنه يلزم حينئذ أن يكون للمشترك عموم في موضع الإثبات وهو فاسد.
قلت: نظره وارد، ولكن تعليله غير مستقيم، أما وروده فلأنه لم يستعمل أحد من السلف لفظ سعيد من غير تشبه، وإرادته سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير. وأما تعليله غير مستقيم، فإنه ادعى فيه لزوم عموم المشترك، ولا نسلم الاشتراك هاهنا؛ لأن الاشتراك ما وقع لمعنى، وهنا شيء آخر نزل كلام السغناقي، وهو أن قول سعيد بن المسيب أخرجه ابن أبي شيبة - رَحِمَهُ اللَّهُ - كما ذكرنا.
وأما قول سعيد بن جبير مثل قول سعيد بن المسيب، لم ينقله أحد لا بسند صحيح، ولا بسند ضعيف، فكيف يذكر المصنف سعيدا دون نسبة ويريد به السعيد؟. والحق هنا أن يقال: أما أن النساخ أسقطوا ابن المسيب، واستمرت النسخ على سعيد بغير نسبة، أو مصطلح على ذلك، حيث ذكر سعيدا على الإطلاق، وأراد به سعيد بن المسيب، كما قال المحدثون وغيرهم: قال: " عبد الله " من غير نسبة، ويريدون به عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وإن كان يتناول غيره بحسب الظاهر.
وكذلك يقولون: قال ابن عمر، ونحو ذلك، ويريدون به عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، مع أن عمرا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - له أولاد غير عبد الله، فافهم ذلك.
فإن قلت: نظر الإماء إلى نسائهن استفيد من قوله سبحانه وتعالى في تلك الآية: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}[النور: ٣١] ، فلو حملت هذه الآية على الإماء لزم التكرار.