للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

التعشير في المصاحف.

وروى أبو عبيد بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال: جردوا القرآن، أرى فيه صغيركم عند كبيركم، فإن الشيطان يخرج من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.

وقال أبو عبيد: اختلف الناس في تفسير قوله: جردوا القرآن، فكان إبراهيم يذهب به إلى نقط المصاحف، ويقول: جردوا القرآن ولا تخلطوا به غيره وإنما يرى كره ذلك مخافة أن ينشأ نشئ يدركون المصاحف منقوطة، فيرون أن النقط من القرآن. ولهذا كره من كره الفواتح والعواشر.

وقال أبو عبيد: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه كره التعشير في المصاحف، وقيل: إن رجلا قرأ عنده، فقال: استعذ بالله من الشيطان الرجيم. فقال عبد الله: "جردوا القرآن ".

وقد ذهب كثير من الناس إلى أن يتعلم القرآن وحده ويترك الأحاديث.

قال أبو عبيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وهذا باطل وليس له عندي وجه، وكيف يكون عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أراد به هذا؟ وهو يحدث عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأحاديث كثيرة، لكنه عندي ما ذهب إليه إبراهيم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وما ذهب إليه عبد الله نفسه. وفيه وجه آخر وهو عندي من أحسن هذه الوجوه و [هو:] أنه حثهم على أن لا يتعلم شيء من كتب غيره، لأن ما خلا القرآن من كتب الله إنما يؤخذ عن اليهود والنصارى، وليسوا بها معرفين عليها، وذلك بين في أحاديث:

حدثنا محمد بن عبيد، عن هارون بن عبيدة، عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: أصبت أنا وعلقمة صحيفة، فانطلقنا إلى عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقلنا: هذه صحيفة فيها حديث حسن. قال، فجعل عبد الله يمحوها بيده ويقول: نحن نقص عليك أحسن القصص.

ثم قال: هذه القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره. وكذا حديثه الآخر: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فيحدثوكم بحق فتكذبوا أو باطل فتصدقوا؛ فإنه كيف يهدونكم وقد أضلوا أنفسهم؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>