وإنما لا يجوز التيمم لأن طهارة الصعيد ثبتت شرطًا بنص الكتاب فلا تتأدى بما ثبت بالحديث
ــ
[البناية]
بتقديم الزاي على الراء المهملة أي لا تقطعوا عليه بوله. فسنه بالسين المهملة، ويروى بالمعجمة، فمعنى الأول الصب المتصل، ومعنى الثاني: الصب المنقطع، قوله: في طائفة من المسجد أي قطعة منه، والذنوب بفتح الذال المعجمة الدلو الكبير، وقيل: لا يسمى ذنوباً إلا إذا كان فيه ماء. قلت: نحن ما تركنا العمل، ونحن نقول أيضاً بصب الماء إذا كانت الأرض رخوة حتى ينتقل منها، فإذا لم يبق على وجهها شيء من النجاسة وانتقل الماء يحكم بطهارتها ولا يعتبر فيه العدد، فإن كانت الأرض صلبة، أو كانت صعبة الحفر [حفر] في أسفلها حفيرة ويصب عليها ثلاث مرات، وينقل [التراب] إلى الحفيرة حتى تيبس الحفيرة، وإن كانت مستوية بحيث لا يزول عنها الماء لا يغسل لعدم الفائدة بل يحفر. وعند أبي حنيفة لا تحفر الأرض حتى تجف الأرض إلى الموضع الذي وصلت إليه النداوة، وينقل التراب.
ودليلنا على الحفر ما رواه الدارقطني بإسناده إلى عبد الله بن الزبير قال:«جاء أعرابي فبال في المسجد، فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكانه فاحتفر فصب عليه دلو من ماء» وما رواه عبد الرزاق في "مصنفه " عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس: قال: «بال أعرابي في المسجد فأرادوا أن يضربوه، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "احفروا مكانه واطرحوا عليه من ماء علموا ويسروا ولا تعسروا» ".
فإن قلت: الأول مرفوع ضعيف لأن في إسناده سمعان بن مالك ليس بالقوي، وقال ابن خراش مجهول. والثاني مرسل وتركتم الحديث الصحيح.
قلت: لا نسلم ذلك فإنا قد عملنا بالكل، فعملنا بالصحيح كما إذا كانت الأرض صلبة، وعملنا بالضعيف على زعمكم فيما إذا كانت الأرض رخوة، والعمل بالكل أولى من العمل بالبعض والإجمال بالبعض.
فإن قلت: كيف تحملون الأرض فيه على الصلب، وقد ورد الأمر بالحفر يدل على أنها كانت رخوة.
قلت: يحتمل أن يكون يصبان في الواحدة كانت الأرض صلبة وفي الأخرى كانت رخوة.
م:(وإنما لا يجوز التيمم، لأن طهارة الصعيد ثبتت شرطاً بنص الكتاب فلا تتأدى بما ثبت بالحديث) ش: هذا جواب عن قول زفر والشافعي ولهذا لا يجوز التيمم به، تقرير الجواب أن طهارة الصعيد الذي هو وجه الأرض تثبت ببعض الكتاب وهو قَوْله تَعَالَى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[النساء: ٤٣] (النساء: