من الخلال فقال لي:" ما هذا؟ ". قلت: صدقة قال: " إنا لا نأكل الصدقة " فرفعته من بين يديه.
ثم تناولت من إزاري شيئا آخر، فوضعته بين يديه، فقال:" ما هذا؟ " قلت: هدية، فأكل منها وأطعم من حوله.
ثم نظر إلي فقال لي:" أحر أنت أم مملوك؟ ". فقلت: مملوك. فقال:" لم وصلتني بهذه الهدية؟ ". قلت: كان لي صاحب من أمره كيت وكيت، وذكرت له قصتي كلها.
فقال لي:" إن صاحبك كان من الذين قال الله في حقهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ}[القصص: ٥٢]{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ}[القصص: ٥٣] الآية.
قال لي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " هل رأيت فيما قال لك؟ ". قلت: نعم، إلا شيئا بين كتفيك. قال: فألقى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رداءه عن كتفيه، فرأيت الخاتم مثلما قاله فقبلته ثم قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثم قال لعلي بن أبي طالب: " يا علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اذهب مع سلمان إلى حليسة فقل لها: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لك: إما أن تبيعي هذا وإما أن تعتقيه فقد حرمت عليك خدمته ".
فقلت: يا رسول الله إنها لم تسلم. فقال: " يا سلمان إنك لم تدر ما حدث بعدك عليها، دخل عليها ابن عم لها يعرض عليها الإسلام، فأسلمت ".
قال سلمان: فانطلقنا إليها أنا وعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فرأيناها تذكر محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخبرها علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت له: اذهب فقل له: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إن شئت فأعتقته وإن شئت فهو لك. قال: فأعتقني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصرت أغدو إليه وأروح» . مختصرا. ثم رواه من طريق آخرى مرسلة فقال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: «أن سلمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كان قد خالط أناسا من أصحاب دانيال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بأرض فارس قبل الإسلام فسمع بذكر رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصفته منهم فإذا في حديثهم: يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة. فأراد أن يلحق به فسجنه أبوه ما شاء الله، ثم هلك أبوه ثم خرج إلى الشام، فكان هناك في كنيسة. ثم خرج يلتمس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذه أهل تيماء فاسترقوه ثم خرج، ثم قدموا به إلى