لا مالك له، أو كان مملوكا في دار الإسلام، لا يعرف له مالك بعينه، وهو بعيد من القرية بحيث إذا وقف إنسان في أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه فهو موات.
ــ
[البناية]
قلت: لا شك أن العادي بتشديد الياء، هو نسبة إلى عاد، وإنما لم يكن جميع الأراضي الموات منسوبة لعاد فأكثره منسوب إليه. وقد ذكر أهل التاريخ أن عادا استولى على كثير من بلاد الشام والعراق والهند، وهو عاد بن أوص بن أرم بن سام بن نوح - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. أو يكون هذه النسبة أن كل أثر قديم ينسب إلى عاد وقومه لقدمهم فتكون النسبة صحيحة على كل حال م:(لا مالك له أو كان مملوكا في دار الإسلام لا يعرف له مالك بعينه، وهو بعيد من القرية) .
ش: أي والحال أنه بعيد من القرية، وهذا الذي شرطه القدوري هو اختيار الطحاوي وهو غير ظاهر الرواية لا يشترط البعد من القرية. وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي ": الأصل أن من ملك شيئا من مسلم أو ذمي بأي سبب ملك، فإنه لا يزول ملكه عنه بالترك كما إذا ملك دارا أو أرضا ثم خربها فمضت عليه السنون والقرون فهو على ملك مالكه الأول لا تكون تلك الأرض موات.
وأرض الموات: التي لم تملك ملكا لأحد ولم تكن من مرافق البلدة وكانت خارج البلدة، قربت من البلدة أو بعدت. حتى إن بحرا خارج البلدة قريبا منها لو حرز ماؤه، أو أكمة عظيمة لم يكن ملكا لأحد كانت تلك الأرض أرض موات في ظاهر الرواية. وقال الطحاوي: وما قرب من العامر فليس بموات.
وفي " خلاصة الفتاوى ": وأما في بخارى ليست بموات، لأنها دخلت في القسمة ويصرف لأقصى مالك أو منتفع في الإسلام أو إلى ورثته، فإن لم يعلم فالتصرف إلى القاضي. وفي " الذخيرة ": الأراضي المملوكة في دار الإسلام إذا انقرض أهلها فهي كاللقطة فلا يجوز إحياؤها، وبه قال الشافعي في قول، وأحمد في رواية، لأن لها مالكا فلم يجز إحياءها كما لو كان مالكها معينا. وقيل: كالموات فيملك بالإحياء وبه قال الشافعي في قول، وأحمد في رواية ومالك لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» .
م:(بحيث إذا وقف إنسان في أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه) ش: هذا تفسير لقوله، هو بعيد من القرية. هكذا روي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فالحد الفاصل بين القريب والبعيد على ما روي عنه: أن يقوم رجل جهري الصوت أقصى العمرانات، على مكان عال فينادي بأعلى صوته. فالموضع الذي يسمع منه صوته يكون قريبا منه، وإذا كان لا يسمع صوته منه يكون بعيدا من العمرانات، م:(فهو موات) ش: جملة في محل الرفع على أنها خبر عن قوله فما كان عاديا ودخلت الفاء لتضمين المبتدأ معنى الشرط.