قال - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ومن حفر بئرا في برية فله حريمها ومعناه إذا حفر في أرض موات
ــ
[البناية]
بمأرب، فقطعه فلما أن ولى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد. قال: فانتزع منه» .
وأخرجه البيهقي وغيرهما من حديث ابن المبارك، عن معمر، عن يحيى بن قيس المازني، عن رجل [يدعى] أبيض: «أنه استقطع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الملح الذي بمأرب فأراد أن يقطعه إياه، فقال رجل: إنه كالماء العد فأبى أن يقطعه» .
وقال الأصمعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الماء العد الدائم الذي لا انقطاع له هو كماء العين، وماء البئر، وعن هذا قال مشائخنا: من السحت ما يأخذه المرعاة، فالولاة على الماء، والكلأ، والجبال، والمردح، والمعادن، والملح، وجميع ذلك ذكره في " التتمة "، و " الغنية "، و " المجتبى " وغيرها.
وأما الحمى: وهو أن يحمي السلطان أرضا من الموات يمنع الناس رعي ما فيها يخص بها نفسه رؤوسهم كالعرب في الجاهلية يفعلون ذلك، فعندنا: لا يجوز. وأما لو حمى مرعى خيل المجاهدين، ونعم الجزية، وأهل الصدقة، وحيوان الناس التي يقوم الإمام بحفظها، وماشية الضعيف من الناس: فيجوز، وبه قال الشافعي في قول، وفي آخر: ليس لغير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يحمي لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا حمى إلا لله ورسوله» .
قلنا: إن عمر، وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حميا، واشتهر ذلك في الصحابة، ولم ينكر عليهما أحد فكان إجماعا. وقال مالك: بلغني أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يحمي في كل عام أربعين ألفا من الظهر، ولأن ما كان من مصالح المسلمين فالأئمة قائمة مقام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ما أطعم الله لنبي طعمة إلا جعلها طعمة لمن بعده» . وأما الخبر فمعناه أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يختص بفعل الحمى لا لكل أحد، والأئمة بعده تقوم مقامه، إذ الحمى لنفسه مخصوص به.
م:(قال: - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ومن حفر بئرا في برية فله حريمها) ش: أي قال القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وحريم البئر نواحيها م: (ومعناه) ش: أي معنى كلام القدوري: م: (إذا حفر في أرض موات