حيث حفر في ملك غيره. وإن حفر الثاني بئرا وراء حريم الأولى فذهب ماء البئر الأولى فلا شيء عليه؛ لأنه غير متعد في حفرها، وللثاني الحريم في الجوانب الثلاثة دون الجانب الأول لسبق ملك الحافر الأول فيه والقناة لها حريم بقدر ما يصلحها. وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه بمنزلة البئر في استحقاق الحريم.
ــ
[البناية]
حيث حفر في ملك غيره) ش: فصار كما إذا حفر على قارعة الطريق م: (وإن حفر الثاني بئرا وراء حريم الأولى فذهب ماء البئر الأولى فلا شيء عليه؛ لأنه غير متعد في حفرها) ش: لأن له أن يحفر بئرا خارج حريم الأولى، والحافر مسبب، فإذا لم يكن متعديا في السبب لا ضمان عليه.
والأصل فيه: أن الماء تحت الأرض غير مملوك لأحد فليس له أن يخاصمه في تحويل ماء بئره إلى بئر الثاني كالتاجر إذا كان له حانوت وآخر أخذ بجنبه حانوت آخر مثل تلك الحانوت فكسد من تجارة الأول لم يكن له أن يخاصمه. وكذا لو حفر بئرا في ملكه أعمق من البئر التي في دار جاره فجرى إليها الماء. أما لو بنى في داره حماما فضر الجار بدخانه، أو حفر بئرا مزبلة في جنب دار جاره يتضرر برائحته، أو جعل داره مخبزا في وسط العطاوس ونحوه مما يؤذي جاره منه خلافا للشافعي، وأحمد -رحمهما الله - في رواية. وعنه في رواية كقولنا، الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه تصرف في ملكه فأشبه بنائه ونقضه.
ولنا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر، ولا ضرار في الإسلام» وهو إضرار بجاره فيمنع كمنع الدق الذي يهز الحيطان ويخربها، وكإلقاء السماد، والرماد، والتراب ونحوه في أصل حائطه على وجه يضر به.
م:(وللثاني الحريم من الجوانب الثلاثة دون الجانب الأول لسبق ملك الحافر الأول فيه) ش: لأن ذلك القدر ملكه لسبق يده وحيازته بإذن الإمام م: (والقناة) ش: وهي مجرى الماء تحت الأرض وارتفاعها بالابتداء وخبرها الجملة، أعني قوله م:(لها حريم) ش: والضمير العائد، أي القناة باعتبار المجري م:(بقدر ما يصلحها) ش: أي بقدر ما يصلح القناة، هذا من مسائل الأصل، ذكره تفريعا، ذكر فيه: إذا خرج قناة في أرض فرات فهي بمنزلة البئر فلها من الحريم ماء للبئر ولم يزد على هذا. وقال في " الشامل ": القناة لها حريم مفوض إلى رأي الإمام، لأنه لا نص في الشرع.
م:(وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه بمنزلة البئر في استحقاق الحريم) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه. وفي " شرح الوجيز ": حريمه المقدار الذي لو حفر نقض ماءه أو جفت