وقال في " المغرب ": والظاهر أنه يقع على ذي ساق وغيره، وفسر في " العزيز " الكلأ بالنبات، ثم إن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الناس شركاء في ثلاث» شركة إباحة لا شركة ملك ممن سبق إلى أخذ شيء من ذلك في وعاء أو غيره وأحرزه فهو أحق به، وهو ملك له دون من سواه، ويجوز له تمليكه بجميع وحدة التمليك، وهو موروث عنه، ويجوز فيه وصاياه كما يجوز في أملاكه، فإن أخذه منه أخذ بغير إذنه ضمنه كما يضمن سائر أملاكه، وما لم يسبق إليه أحد فهو لجماعة المسلمين فهو مباح على ما كان إليه أو لا، هكذا ذكره الكرخي في " مختصره ".
ثم إنك قد عرفت الماء على أربعة أنواع كما ذكره المصنف مستقصى. وأما الشركة في الكلأ على أوجه بعضها أعم من بعض، والأعم أن يكون الحشيش في أرض لا تكون مملوكة لأحد يكون الناس شركاء في ذلك من الرعي والاحتشاش، فليس لأحد أن يمنع إنسانا من ذلك وهي كالشركة في ماء البحار وشركة أخرى أخص من هذه.
وهو أن يكون الكلأ في أرض مملوكة بنفسه لا بإنبات صاحب الأرض يكون للناس فيه شركة، حتى لو أخذه إنسان كان ما أخذه ملكا له، إلا أن لصاحب الأرض أن يمنعه من الدخول في أرضه لأجل الكلأ، ذكر محمد هذا القدر في الكتاب، ولم يزد عليه، إلا أن مشايخنا زادوا على ذلك، قال: إذا وفق المنازعة بين صاحب الأرض والذي يريد الكلأ لا بد من اعتبار منازعتها، لأن صاحب الأرض يمنعه من الدخول في ملكه، وهذا الطلب حقه، لأن له شركة في الكلأ.
وإذا وجب اعتبار المنازعة يقول إن كان يجد المريد الكلأ في موضع آخر غير مملوك لأحد قريب من تلك الأرض، يقال له: خذ من ذلك. وإن لم يجد يقال لصاحب الأرض: إما أن تعطيه بيدك أو ائذن له حتى يدخل فيأخذ حقه، كمن أتى كرم إنسان وفي حوضه ماء وأراد الدخول في كرمه ليأخذ الماء فمنعه صاحب الكرم، إن كان يجدها في موضع آخر غير مملوك لأحد قريب منه يقال له: ائت ذلك المكان خذ منه، وإن كان لا يجد يقال لصاحب الأرض: إما أن تعطيه بيدك أو ائذن له حتى يدخل ويأخذ منه، وشركة أخرى أخص من ذلك كله وهو: أن يحشر الكلأ أو ينبت الكلأ في أرضه، فإنه لا يكون مملوكا له وينقطع حق غيره ولا يكون لأحد أخذ ذلك بوجه، إلا أنه تبقى شبهة الشركة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الناس شركاء في ثلاثة» ، حتى لو سرقه لا تقطع يده.
وأما الشركة في النار فعامة، قال شيخ الإسلام خواهر زاده في كتاب الشرب: وهو أن