فالأول: كريه على السلطان من بيت مال المسلمين؛ لأن منفعة الكري لهم فتكون مؤنته عليهم، ويصرف إليه من مؤنة الخراج والجزية دون العشور والصدقات؛ لأن الثاني للفقراء، والأول للنوائب. فإن لم يكن في بيت المال شيء فالإمام يجبر الناس على كريه إحياء لمصلحة العامة، إذ هم لا يقيمونها بأنفسهم، وفي مثله قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لو تركتم لبعتم أولادكم، إلا أنه يخرج له من كان يطيقه، ويجعل مؤنته على المياسير الذين لا يطيقونه بأنفسهم. وأما الثاني: فكريه على أهله لا على بيت المال؛ لأن الحق لهم، والمنفعة تعود إليهم على الخصوص،
ــ
[البناية]
م:(فالأول) ش: أي القسم الأول هو: النهر غير المملوك لأحد م: (كريه على السلطان من بيت مال المسلمين؛ لأن منفعة الكري لهم فتكون مؤنته عليهم، ويصرف إليه) ش: أي على الكري م: (من مؤنة الخراج والجزية دون العشور والصدقات؛ لأن الثاني) ش: أي العشور والصدقات م: (للفقراء، والأول) ش: وهو الخراج والجزية م: (للنوائب) ش: وهو جمع نائبة، وهي التي تنوب المسلمين من الخراج كبناء القناطر وسد الثغور ونحو ذلك.
م:(فإن لم يكن في بيت المال شيء فالإمام يجبر الناس على كريه إحياء
لمصلحة
العامة، إذ هم لا يقيمونها بأنفسهم) ش: أي إذ الناس لا يقيمون مصلحة العامة بأنفسهم لأن العوام كل ما ينفقون من غير إحياء، وأي إمام نصب ناظرا في أحوال الناس فيجبرهم على ذلك م:(وفي مثله قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لو تركتم لبعتم أولادكم) ش: وقوله: أي وفي مثل هذه الأخبار قال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: (فإنه أخبرني مثل هذا فكلموه في ذلك فقال: لو تركتم لبعتم أولادكم) .
ش: وقوله: لو تركتم على صيغة المجهول، يعني لو تركتم في مثل هذه النائبة التي تلحق المسلمين ولم يجبروا على إقامة المصلحة العامة في مثل هذه الصورة لفسدت مياه المسلمين ولم يحصل شيء من زارع الأرض ووقع الغلاء إلى أن يؤول الأمر إلى بيع أولادكم.
فإن قلت: ما حال هذا الأثر؟. قلت: لم أقف عليه في الكتب المشهورة في كتب الحديث، وإنما ذكره أصحابنا في كتبهم ولم أدر من أين أخذوه؟.
م:(إلا أنه يخرج له من كان يطيقه) ش: أي إلا أن الإمام يخرج للكري أي لأجله من كان يطيق الكري، أي عمله بنفسه م:(ويجعل مؤنته على المياسير) ش: أي على الأغنياء م: (الذين لا يطيقونه) ش: أي الكري م: (بأنفسهم) ش: كما جعل في تجهيز الجيش، فإن الإمام يخرج من أطاق القتال ويجعل مؤنتهم على الأغنياء.
م:(وأما الثاني) ش: أي النوع الثاني وهو النهر المملوك الذي دخل ماؤه تحت القسمة، إلا أنه عام م:(فكريه على أهله لا على بيت المال؛ لأن الحق لهم، والمنفعة تعود إليهم على الخصوص) ش: