لأن الأرض تنشفه. قلنا الضرورة في النعال وقد أثرت في التخفيف مرة حتى تطهر بالمسح فيكتفى بمؤنتها
ولا فرق بين مأكول اللحم وغير مأكول اللحم، وزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فرق بينهما، فوافق أبا حنيفة في غير المأكول، ووافقهما في المأكول، وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه لما دخل الري
ــ
[البناية]
بول الحمار كالضرورة في روثه، وقد قلتم بتغليظه، وتقرير الجواب أنا لا نسلم ذلك م:(لأن الأرض تنشفه) ش: أي تشربه من تنشف الثوب العرق، تنشف بكسر الشين في الماضي وفتحها في المستقبل فإذا كان كذلك قد يبقى على وجه الأرض منه شيء يبتل به الماء بخلاف الروث.
م:(قلنا إن الضرورة) ش: التي ذكرها في الروث إشارة إلى الجواب عما قالا في ثبوت التخفيف في الروث إنما هي م: (في النعال وقد أثرت في التخفيف مرة حتى تطهر بالمسح فيكتفي بمؤنتها) ش: أي بمؤنة الضرورة فلا يخفف في نجاستها ثانياً إلحاقاً للروث بالعذرة، فإن الحكم فيها كذلك بالاتفاق.
فإن قلت: هذا التعليل يخالف التعليل الذي ذكره في قدر القراءة في السفر في فصل القراءة وهو قوله لأن للسفر أثر في إسقاط الصلاة، فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى حيث يستدل بوجود التخفيف مرة على تخفيفه ثانياً هناك، ومنعه هاهنا فما وجه. قلت: لا مخالفة بينهما في المعنى بل كل منهما في نجس، وذلك لأن سقوط شرط الصلاة في السفر من قبل رخصة الإسقاط والحكم فيها وهو أن لا يبقى العزيمة مشروعة أصلاً لسقوط العينية في المسلم، فلما كان كذلك الساقط كأن لم يكن أصلاً شيء لو أتى بالأربع كان الفرض هو الركعتين فقط، فكان في القراءة حينئذ ابتداء لا ثانياً، فلذلك راعى المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لفظ الإسقاط في الركعتين، ولفظ التخفيف في قدر القراءة إشارة إلى ما قلنا.
م:(ولا فرق بين مأكول اللحم وغير مأكول اللحم) ش: أراد بيان [أن] الأرواث كلها نجسة نجاسة خفيفة، وحال ذلك أنه لا فرق بين علمائنا الثلاثة في أصل نجاسة الروث، غير أن اختلافهم في الصفة، ولم يفرق في ذلك إلا زفر أشار إليه بقوله م:(وزفر فرق بينهما) ش: أي بين مأكول اللحم وغير مأكول اللحم م: (فوافق) ش: أي زفر وافق م: (أبا حنيفة في غير المأكول) ش: أي غير مأكول اللحم حيث قال: إن الروث إن كان من غير مأكول اللحم فهو نجس مغلظ كما قال أبو حنفية مطلقاً م: (ووافقهما) ش: أي وافق أبا يوسف ومحمداً - رحمهما الله - م:(في المأكول) ش: أي في مأكول اللحم، حيث قال: إن الروث إن كان من مأكول اللحم فهو نجس مخفف كما قالا مطلقاً، لأن حل الأكل مؤثر في حق النجاسة كما في الأبوال، ولنا ما مر.
م:(وعن محمد أنه لما دخل الري) ش: بفتح الراء وتشديد الياء اسم مدينة في عراق العجم