وأما إذا سقى سقيا غير مثله في العرف والعادة، فإنه يضمن وهكذا كما قالوا فيمن أوقد نارا في داره يوقد مثلها في الدور في العرف والعادة لا يضمن إذا احترق دار جاره، لأنه سبب غير متعد، وإن أوقد نارا لا يوقد مثلها في العرف والعادة، فإنه يضمن، لأنه متعد في السبب.
وأما إذا كانت في أرضه جحر فأر فتعدى إلى أرض جاره فغرقت أرض جاره فإن كان لا يعلم بجحر الفأر لا يضمن، وإن علم يضمن، وعلى هذا قالوا: إذا فتح رأس نهره فسال من النهر شيء إلى أرض جاره فغرقت قالوا: إن فتح من الماء مقدار ما يفتح من الماء في مثل ذلك النهر في العرف والعادة لا يضمن.
وإن كان فتح مقدار ما لا يفتح مثل ذلك المقدار في مثل ذلك النهر فإنه يضمن.
وحكي عن الشيخ الإمام إسماعيل الزاهد بأنه كان يقول: إذا سقى مثله، إنما لا يضمن إذا كان محقا في السقي بأن سقاه في نوبته مقدار حقه، فأما إذا سقى من غير نوبته أكثر من حقه يضن؛ لأنه مسبب ومتعد، وفي " الأصل ": ولو أن رجلا أوقد نارا أو أحرق كلاء في أرضه فذهبت النار يمينا وشمالا لغيره لم يضمن رب الأرض، وقال خواهر زاده: تأويله: إذا أوقد نارا توقد مثلها في العرف والعادة، فأما إذا أوقد نارا لا يوقد مثلها فإنه يضمن.
وفي " فتاوى البقالي ": ولو تعدى الماء إلى الأرض جاره وهو يرى ولم يخبر: يضمن.
وفي " المحيط ": لو انبثق نهر فجرى في أرض قوم، وخرب أراضيهم فليس لهم أن يأخذوا أصحاب النهر بعمارة الأرضين ولهم أن يأخذوهم بعمارة النهر. ولو كان له مجرى ماء على سطح غيره فخرب السطح فإصلاح المجرى على صابح المجرى. وذكر " الهندواني ": لو ألقى رجل شاة في أرض طاحونة فسار الماء بها إلى الطاحونة إن كان النهر لا يحتاج إلى الكري فلا ضمان عليه، وإن كان يحتاج ضمن إن علم أنها خربت من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.