للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه مشتق من مخامرة العقل، وهو موجود في كل مسكر، ولنا: أنه اسم خاص بإطباق أهل اللغة فيما ذكرناه، ولهذا اشتهر استعماله فيه، وفي غيره؛ ولأن حرمة الخمر قطعية، وهي في غيرها ظنية، وإنما سمي خمرا لتخمره لا لمخامرته العقل على أن ما ذكرتم لا ينافي كون الاسم خاصا فيه.

ــ

[البناية]

تحريم الخمر وهي خمسة: من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير» .

ومنها قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: الخمر ما خامر العقل. رواه البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ولأنه مشتق من مخامرة العقل) ش: أي ولأن الخمر مشتق من مخامرة العقل. يقال: خامره إذا خالطه. والكلام في اشتقاق الخمر الذي هو ثلاثي من المخامرة الذي هو مزيد فيه كالكلام في اشتقاق الوجه من المواجهة، وقد مر الكلام فيه في أول الكتاب مستقصى م: (وهو موجود في كل مسكر) ش: أي هذا المعنى موجود في كل ما كان مسكرا م: (ولنا: أنه) ش: أي لفظ الخمر م: (اسم خاص بإطباق أهل اللغة فيما ذكرناه) ش: أي اسم مخصوص للتي من ماء العنب إذا صار مسكرا حقيقة باتفاق أهل اللغة، قوله: فيما ذكرناه في التي من ماء العنب م: (ولهذا) ش: أي، ولأجل استعمال الخمر في التي من ماء العنب إذا صار مسكرا م: (اشتهر استعماله فيه) ش: أي في استعمال لفظ الخمر في التي من ماء العنب المسكر م: (وفي غيره) ش: أي واشتهر في غير التي من ماء العنب غير اسم الخمر، حيث يسمى مثلثا وباذنا ونحوهما فكان استعمال هذا الاسم لغيره مجازا؛ لأن الترادف خلاف الأصل، وقد أريدت الحقيقة، فبطل المجاز.

وقال أبو عبيد، وأبو زيد، وابن السكيت: ما اتخذ من غير العنب ليس بخمر م: (ولأن حرمة الخمر قطعية) ش: يعني لا يصح أن يصرف في تحريمها إلا إلى حين تثبت الحرمة في تلك العين قطعا، وغير التي ليس بهذه المثابة لمكان الاجتهاد فيه أشار إليه بقوله: م: (وهي في غيرها ظنية) ش: أي وفي غير التي من ماء العنب إذا أسكر الحرمة ظنية لما قلنا.

م: (وإنما سمي خمرا لتخمره) ش: هذا جواب عن قولهم: لأنه مشتق من مخامرة العقل، يعني لا نسلم أنه مشتق من المخامرة بل هو مشتق من التخمر، وهو الشدة والقوة فإن بها شدة قوة وليست بغيرها حتى سميت أم الخبائث ما تسميته بهذا المعنى م: (لا لمخامرته العقل) ش: يعني ليست تسميته التي من ماء العنب إذا أسكر لمخالطته العقل، وهذا هو تحقيق كلام المصنف.

وقال صاحب " العناية ": قوله: " وإنما سمي " يعني غير التي خمرا لتخمره أي لصيرورته ماء كالخمر لا لمخامرته وهذا كلام فيه ما فيه تأمل وتدبر. وأما التوابع فإنما غضا بصرهما في هذا الموضع م: (على أن ما ذكرتم لا ينافي كون الاسم خاصا فيه) ش: هذا جواب بطريق التسليم يعني: ولئن سلمنا أن يكون من مخامرة العقل، ولكن قد يكون موضع الاشتقاق عاما، والمشتق منه

<<  <  ج: ص:  >  >>