وهذا كفر؛ لأنه جحود الكتاب. فإنه تعالى سماه رجسا، والرجس ما هو محرم العين، وقد جاءت السنة متواترة أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حرم الخمر
ــ
[البناية]
م:(وهذا كفر) ش: أي هذا القول كفر م: (لأنه جحود الكتاب، فإنه تعالى سماه رجسا) ش: وهو قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ}[المائدة: ٩٠] م: (والرجس ما هو محرم العين) ش: يعني: الرجس اسم للحرام النجس عينا بلا شبهة، ودليله: قوله سبحانه وتعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: ١٤٥] ولحمه حرام نجس عينا بلا شبهة، فكذا الخمر، وفي الآية دليل على حرمتها من اثني عشر وجها على ما ذكر في " التيسير "، و " الكشاف " وهي: التأكيد بإنما، والجملة الإسمية، والمقارنة بالقمار والمقارنة بعبادة الأوثان، وهي الأصنام لأن الأنصاب جمع نصب، وهي ما نصب فعبد من دون الله. وجعلها رجسا وهو اسم للحرام النجس عينا كالميتة، والدم وجعلها من عمل الشيطان.
ولا يأتي منه إلا الشر البحت، والأمر بالاجتناب نص على التحريم، وجعل الاجتناب من الفلاح. فإذا كان الاجتناب فلاحا، كان الارتكاب خيبة وذكر ما ينتج منهما من وقوع التعادي والتباغض بين أصحاب الخمر فما يؤدي القول للصد عن ذكر الله وعن مراعاة أوقات الصلاة، والأمر بالانتهاء؛ لأن معنى قوله:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}[المائدة: ٩١] انتهوا، وهذه الصيغة من أبلغ ما ينهى عنه.
م:(وقد جاءت السنة متواترة) ش: أي متكاثرة ومتتابعة، وليس معناه التواتر الاصطلاحي أو يقول معناه: جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث كلها تدل على حرمة الخمر. وكل واحد منها إذا لم يبلغ حد التواتر، فالقدر المشترك منها متواترة كشجاعة علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وجود حاتم.
وسمي هذا التواتر بالمعنى م: (أن «النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حرم الخمر» ش: منها ما أخرجه البخاري، ومسلم، عن ثابت «عن أنس قال:" كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر» ، وقد ذكرناه.
ومنها: ما أخرجه أحمد في " مسنده " عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«إن الله حرم الخمر، والميسر، والكرمة، والعنب» .
ومنها: ما أخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب " ذم المسكر " عن محمد بن عبد الله بن مربع، عن المفصل بن سليمان التمري، عن عمرو بن سعيد، عن الزهري، حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، أن أبان قال: سمعت عثمان بن عفان -رضي الله تعالى