للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من خواص الخمر. ولهذا تزداد لشاربه اللذة بالاستكثار منه بخلاف سائر المطعومات، ثم هو غير معلوم عندنا حتى لا يتعدى حكمه إلى سائر المسكرات، والشافعي رحمه الله يعديه إليها، وهذا بعيد لأنه خلاف السنة المشهورة، وتعليله لتعدية الاسم،

ــ

[البناية]

محرما ألا ترى إن الزنا لما حرم، حرم دواعيه، وإن المشي على قصد المعصية معصية م: (وهذا من خواص الخمر) .

ش: أي دعاء قليله إلى كثيره. م: (ولهذا) ش: أي: ولأجل ذلك، م: (تزداد لشاربه اللذة بالاستكثار منه بخلاف سائر المطعومات) ش: حيث تشمئز النفس منها عند الاستكثار. وهذا كله ظاهر بالمشاهدة.

وقال الأترازي: ولو قال " بخلاف سائر المسكرات "، أو قال " بخلاف سائر المشروبات " كان أولى لأنه يريد الفرق بين الخمر، وسائر المسكرات، لا إلى سائر المطعومات.

قلت: الذي قاله المصنف هو الأولى؛ لأن مراده: بيان الفرق بين الخمر وغيره مما له طعم، سواء كان مطعوما أو مشروبا في كون دعاء قليله إلى كثيره حيث وجد هذا المعنى في الخمر دون غيره مطلقا. على أن الطعم يذكر، ويراد به الشرب كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩] .

وأما الذي يتعلق بالنزاع مع الشافعي، فإنه ذكر فيه لفظ المسكرات حيث قال: لا يتعدى حكمه إلى المسكرات م: (ثم هو غير معلول عندنا) ش: أي القليل غير معلول عندنا.

ويقال: إن هذا اللفظ، أعني الخمر، غير معلول م: (حتى لا يتعدى حكمه) ش: وهو الحرمة م: (إلى سائر المسكرات) ش: أي إلى قليله سائر المسكرات حتى لا يجب الحد بشراب قطرة من غير الخمر من المسكرات م: (والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعديه إليها) ش: أي تعدي هذا اللفظ إلى المسكرات لأن الخمر اسم لما يخامر العقل، ولهذا لا يسمى العصير خمرا قبل التخمر ولا بعد التخلل. وكل مسكر مخامر فيكون خمرا م: (وهذا بعيد) ش: أي قول الشافعي بعيد م: (لأنه خلاف السنة المشهورة، وتعليله لتعدية الاسم) ش: أي لأن تعليل الشافعي يخامره العقل، أو بالسنة المضطربة خلاف السنة المشهورة، وهي ما روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - موقوفا عليه، ومرفوعا: «حرمة الخمر لعينها، والسكر من كل شراب» .

ولما كانت حرمتها لعينها لا يصح التعليل بمعنى المخامرة لتعدية اسمها إلى غيرها. ثم إن هذا الحديث أخرجه النسائي في " سننه " موقوفا على ابن عباس من طرق فأخرجه عن ابن شبرمة عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: «حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها، والمسكر من كل شراب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>