للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

من مقدم الرأس، فهذا أعم من أن يكون ربع الرأس على الحقيقة، أو باعتبار أنه أحد الأركان الأربعة وهي: القفا والناصية والقودان، والقفا يقاله له: القذال أيضا بفتح القاف والذال المعجمة. وقال الجوهري: القذال جمع مؤخر الرأس وهو معقد العذار من الفرس خلف الناصية، ويقال: القذالان ما اكتنفا ما بين القفا من يمين وشمال، ويجمع أقذلة وقذل، والقودان فتح القاف وسكون الواو تثنية قود، وقال الجوهري: قود الرأس جانبه. ثم اعلم أن للفقهاء في هذه المسائل ثلاثة عشر قولا: ستة عن المالكية حكاها ابن العربي والقرطبي.

قال ابن مسلمة صاحب مالك: يجزئه مسح ثلثيه، وقال أشهب، وأبو الفرج: يجزئه الثلث، وروى الرقي عن أشهب يجزئه مقدم رأسه، وهو قول الأوزاعي والليث وظاهر مذهب مالك الاستيعاب وعنهم: يجزئه أدنى ما يطلق عليه اسم المسح، والسادس: مسح كلها، ويعفى عن ترك شيء يسير منه يعزى إلى الطرطوسي، وللشافعية قولان: صرح أكثرهم بأن مسح شعرة واحدة يجزئه، وقالوا: يتصور ذلك بأن يكون رأسه مطليا بالحناء بحيث لم يبق ظاهرا إلا شعرة واحدة فأمر يده عليها وهذا ضعيف جدا، فإن الشرع لا يرد بالصورة النادرة التي يكلف في تصورها.

وقال ابن القاضي: الواجب ثلاث شعرات وهذا أخف من الأول ويحصل أضعاف ذلك بغسل الوجه وهو يجزئ عن المسح في الصحيح، والنية عند كل عضو ليست بشرط بلا خلاف عندهم، ودليل الترتيب ضعيف، وعندنا في المفروض منه ثلاث روايات في ظاهر الروايات ثلاثة أصابع ذكره في " المحيط " و " المفيد " وهو راوية هشام عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وفي رواية الكرخي والطحاوي مقدار الناصية وذكر في اختلاف زفر عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأبي يوسف أنهما قالا: لا يجزئه إلا أن يمسح مقدار ثلث رأسه أو ربعه. وروى ابن يحيى بن أكثم عن محمد أنه اعتم ربع الرأس، وقال أبو بكر: عندنا أعني فيه روايتان الربع والثلاث أصابع، وبعض المشايخ صحح رواية ثلاث أصابع احتياطا، وفي " جوامع الفقه " عن الحسن يجب مسح أكثر الرأس. وعن أحمد: مسح جميعه وعنه يجزئ مسح بعضه، والمرأة يجزئها مسح مقدم رأسها في ظاهر قوله، وفي " المغني ": لا خلاف بين الآية في وجوب مسح الرأس، وقد نص الله سبحانه وتعالى عليه بقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] واختلف في قدر الواجب، فروي عن أحمد وجوب مسح الجميع في حق كل أحد، وهو ظاهر كلام الخرقي، ومذهب مالك، والرواية الثانية: يجزئ مسح بعضه، قال أبو الحارث: قلت لأحمد: فإن مسح برأسه وترك بعضه، قال: يجزئه ثم قال: ومن يمكنه أن يأتي على الرأس كله، ونقل عن سلمة بن الأكوع أنه كان يمسح مقدام رأسه، وابن عمر مسح اليافوخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>