للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

والزبيب؟، فقالت: كنت آخذ قبضة من تمر، وقبضة من زبيب فألقيه في إناء، فأمرسه ثم أسقيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

وفي هذا كله دليل على أن شرب الخليطين لا بأس به، يدل على ذلك قول ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: ما زدناك على عجوة وزبيب. «وقول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: فتلقي فيه تمرا، وتمر ليلقي فيه زبيب» . وكذلك قوله: «أخذ قبضة من تمر، وقبضة من زبيب.» الحديث.

وقال تاج الشريعة: والمتقشفة يقولون: لا يحل شربه، وإن كان حلوا؛ لما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن شراب الخليطين، وعن القران بين التمر، وعن الجمع بين اللقمتين» ، وروي: «أنه نهى عن الجمع بين التمر، والزبيب، والرطب، والبسر» . وتأويل ذلك أنه كان في زمن الجدب. وكره الأغنياء الجمع بين اللقمتين، والدليل على أنه لا بأس به في غير زمن القحط: ما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: كنت أنبذ لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تمر البسرة فأمرني فألقيت فيه زبيبا» . يريد ما ذكرنا بما روي من حديث ابن زياد المذكور، وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كان معروفا بالزهد، والفقه بين الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فلا نظن به أنه كان يسقي غيره ما لا يشربه. ولا أنه يشرب ما كان يتناوله نص التحريم وقد ذكرناه. إنما سقاه كان مشتدا حتى أثر فيه على وجه ما كان يهتدي إلى أهله، وإنما كان هذا على سبيل المبالغة في بيان التأثير فيه لا حقيقة السكر فإن ذلك لا يحل.

وفي قوله: " ما زدناك على عجوة وزبيب " دليل على أنه لا بأس بشرب القليل من المطبوخ بماء الزبيب والتمر وإن كان مشتدا؛ ولأنه لما جاز اتخاذ الشراب من كل واحد بانفراده جاز الجمع بمنزلة السكر، والعانيد. انتهى كلامه.

وفيه: روي أيضا لقول أصحاب الظواهر بعض الروافض. وأحمد في رواية أنهم لا يحلون شرب الخليطين، وإن كان حلوا، وإن كانوا لا يحلون الجمع بين اللقمتين بخلاف المرقة والإدام. والجمع بين التمرتين بعد الطعام والمستقيم على التعاقب فإنه لا يكره بالإجماع.

ولنا حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وقوله سبحانه وتعالى: {كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: ١٦٨] بلا تفصيل بين حالة وحالة. والحديث محمول على الشدة والقحط. وكذا روي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>