وقال ذلك بعدما أخبر عن النهي عنه، فكان ناسخا له. وإنما ينتبذ فيه بعد تطهيره، فإن كان الوعاء عتيقا يغسل ثلاثا
ــ
[البناية]
بن واسع بن حسان حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«نهيتكم عن النبيذ ألا فانتبذوا، ولا أحل مسكرا» قوله: ولا تقولوا: " هجرا " بضم الهاء، وسكون الجيم، وهو الإفحاش في النطق والخناء.
م:(وقال ذلك بعدما أخبر عن النهي عنه، فكان ناسخا له) ش: أي قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «انتبذوا واشربوا في كل ظرف» بعدما أخبر عن الانتباذ في الظروف، فكان أمره بذلك ناسخا لنهيه المتقدم، ففيه دليل على جواز نسخ السنة بالسنة، والمراد من النهي: هو ما رواه البخاري، ومسلم، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الدباء، والمزفت.»
وروى مسلم من حديث سعيد بن جبير، «عن ابن عمر، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أنهما شهدا: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت» . وروي أيضا من حديث الزهري أخبرني أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تنتبذوا في الدباء، والمزفت» وروي أيضا عن حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تنتبذوا في الدباء، ولا المزفت» .
وروى أيضا: ثم يقول أبو هريرة: اجتنبوا الحناتم، والنقير، وروي أيضا من حديث شعبة، أخبرني عمرو بن مرة، سمعت زادان يقول: قلت لابن عمر: أخبرنا بما نهى عنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأوعية، أخبرنا بلغتكم، وفسره لنا بلغتنا، قال: نهى عن الحنتم وهي الجرة، ونهى عن المزفت وهو النقير، ونهى عن الدباء وهو القرع، ونهى عن النقير وهي أصل النخلة ينقر نقرا ويمسح مسحا، وأمر أن ينتبذ في الأسقية.
قالوا: إنما نهى عن هذه الأوعية على الخصوص؛ لأن الأنبذة تشتد في هذه الظروف أكثر مما تشتد في غيرها، وفيه دليل واضح لأبي حنيفة، وأبي يوسف على إباحة شرب النبيذ الشديد دون المسكر، وعلى حرمة ما يقع به السكر.
فإن قلت: ما كان المعنى في النهي في زيارة القبور؟
قلت: كانوا في ابتداء الإسلام إذا زاروا المقابر يقربون عنه، ويقولون "هجرا" على رسمهم في الجاهلية، ويصفون موتاهم بالبطالة وسفك الدماء وشرب الخمر، فنهاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن زيارة القبور فطاما لهم عن الهجر، فلما انتهوا على ذلك أباح لهم زيارة القبور بعد ذلك.
م:(وإنما ينتبذ فيه بعد تطهيره) ش: إن كان فيه خمر م: (فإن كان الوعاء عتيقا يغسل ثلاثا