للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله تَعَالَى: {وما علّمتم من الجوارح مكلّبين} [المائدة: ٤] (المائدة: الآية ٣) ، والجوارح الكواسب في تأويل المكلبين المسلطين، فيتناول الكل بعمومه

ــ

[البناية]

م: (قَوْله تَعَالَى) ش: لا إله إلا هو م: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] (المائدة: الآية ٣) ش: كلمة ما بمعنى الذي، وهو عطف على الطيبات، أي أحل لكم الطيبات وصيد ما علمتم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويجوز أن تكون ما شرطية وجزاؤها فكلوا.

م: (والجوارح الكواسب في تأويل) ش: أي الكواسب من سباع البهائم، كالكلب والفهد والنمر والعقاب والطير كالصقر والبازي والشاهين، سميت بذلك لأنها كواسب بنفسها، يقال: جرح وأجرح إذا كسب، وفيه قوله سبحانه وتعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠] (سورة الأنعام: الآية ٦٠) ، أي كسبتم في الأيام، وقال سبحانه وتعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: ٢١] (سورة الجاثية: الآية ٢١) أي اكتسبوها. وقيد بقوله: "في تأويل بعض العلماء"، لأنه في تأويل آخرين من الجوارح.

م: (المكلبين المسلطين) ش: أي المسلطين الجوارح على الصيد، وفي " الكشاف ": الكلب المؤدب الجوارح، ومضربها بالصيد فصائدها ورابطها كذلك بما علم من الحبل، وطرف التأديب والتنظيف واشتقاقه من الكلب؛ لأن التأديب أكثر ما يكون في الكلاب، فاشتق من لفظه لكثرته في جنسه. ولأن السبع يسمى كلبا، ومنه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللهم سلط عليه كلبا من كلابك، فافترسه الأسد» . ومن الكلب الذي هو بمعنى الفرارة يقال: هو كلب بكذا إذا كان ضاربا به.

فإن قلت: مكلبين منصوب بماذا؟.

قلت: على الحال من علمتم.

فإن قلت: ما فائدة الحال، وقد استغنى عنها ب "علمتم"؟.

قلت: فائدتها أن يكون من يعلم الجوارح تحريرا في علمه قدرنا فيه موصوفا بالتكليب، ويعلمونهن حال ثانية، أو استئناف، وفيه فائدة جليلة وهي: كل من أخذ علما لا يأخذه إلا من أقبل أهله علما، وأوسعهم دراية، وأغوصهم على ألطافه وحقائقه، فكم أخذ من غير متقن قد ضيع زمانه، وغفل عن التقاط التجاريم بنابه بما علمكم الله من علم التكليب، إنه إلهام من الله أو مما عرفكم أن تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه، وانزجاره بزجره، وانصرافه بدعائه، وإمساكه الصيد عليه، وأن لا تأكل منه.

م: (فيتناول الكل بعمومه) ش: أي إذا كان المعنى ما ذكرنا يتناول قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] كل ذي ناب جارح، وكل ذي مخلب جارح بعموم اللفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>