للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن بدن البازي لا يحتمل الضرب وبدن الكلب يحتمله فيضرب ليتركه؛ ولأن آية التعليم ترك ما هو مألوف عادة، والبازي متوحش متنفر، فكانت الإجابة آية تعليمه، وأما الكلب فهو ألوف يعتاد الانتهاب فكان آية تعليمه ترك مألوفه، وهو الأكل والاستلاب، ثم شرط ترك الأكل ثلاثا، وهذا عندهما، وهو رواية عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأن فيما دونه مزيد الاحتمال، فلعله تركه مرة أو مرتين شبعا، فإذا

ــ

[البناية]

تعليم الطير أن يرجع إلى صاحبه، وليس يضرب فإن أكل من الصيد، ونتف الريش، فكل.

م: (ولأن بدن البازي لا يحتمل الضرب وبدن الكلب يحتمله فيضرب ليتركه) ش: أي يترك الأكل، وتعذر ترك الأكل في البازي؛ لأنه لا يحتمل الضرب حتى يترك، فأقيم مقامه ما يدل عليه، وهو الإجابة عند الدعي.

م: (ولأن آية التعليم ترك ما هو مألوف عادة، والبازي متوحش متنفر، فكانت الإجابة) ش: عند الدعي م: (آية) ش: لأنه آية التعليم م: (تعليمه، وأما الكلب فهو ألوف يعتاد الانتهاب فكان آية تعليمه ترك مألوفه، وهو الأكل والاستلاب) ش: لأن حقيقة التعليم، والجهل في الحيوان أمر مستبطن، فأقيم تبدل العادة المألوفة مقام العلم، والجري على العادة الأصلية مقام الجهل، وذلك في الكلب يترك الأكل، والمسك على صاحبه لا بالإلف والإجابة لصاحبه داعيا ومرسلا؛ لأن الكلب في الأصل ألوف بحيث إذا دعي أجاب. والبازي متنفر بطبعه، فالإجابة علامة علمه لأنه خلاف طبعه.

وقيل: وفيه نظر؛ لأن هذا العرف لا يتأتى في الفهد، والنمر، فإنه متوحش كالبازي، ثم الحكم فيه، وفي الكلب سواء، فالمعتمد هو الأول؟.

أجيب: بأنه غير وارد؛ لأنه إنما ذكره فرق بين الكلب والبازي لا غير، وذلك صحيح، وإذا أريد الفرق عموما فالعمدة هو الأول، ثم ترك الأكل ليس بشرط في الطير عند العامة، وبه قال ابن عباس، ونص الشافعي: أنه يشترط كالكلب في تحريم ما أكل من صيده؛ لأن مجالدا روى عن السيفي عن عدي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إن أكل الكلب والبازي: فلا تأكل» ولنا إجماع الصحابة على ما ذكرنا. وقال أحمد: روايات مجالد غير صحيحة.

م: (ثم شرط ترك الأكل ثلاثا) ش: أي ثم شرط القدوري ترك أكل الكلب ثلاث مرات م: (وهذا) ش: أي هذا الشرط م: (عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد م: (وهو رواية عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي قولنا رواية عن أبي حنيفة م: (لأن فيما دونه) ش: أي فيما دون ثلاث مرات م: (مزيد الاحتمال) ش: أي زيادة الاحتمال، وبين ذلك بقوله م: (فلعله تركه مرة أو مرتين شبعا) ش: أي فلعل الكلب ترك الأكل مرة أو مرتين لأجل الشبع فلا يدل على ترك علمه م:

<<  <  ج: ص:  >  >>