وعن أبي يوسف: أنه لا يشترط رجوعا إلى التأويل الأول، وجوابه ما قلنا. قال: فإن أكل منه الكلب أو الفهد لم يؤكل، وإن أكل منه البازي أكل، والفرق ما بنياه في دلالة التعليم وهو مؤيد بما روينا م:(حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو حجة على مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعلى الشافعي في قوله القديم في إباحة ما أكل الكلب منه.
ــ
[البناية]
{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] (البقرة: الآية ٢٢٨) ، قيل: أريد به الحبل، وقيل: الحيض، والصحيح أنهما مرادان؛ لأنهما لا تنافي هاهنا، وفيه نظر؛ لأن الجرح إما أن يكون مشتركا بين الكسب والجرح، يعني الجراحة، أو يكون حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر، والمشترك لا عموم له، والجمع بين الحقيقة والمجاز عندنا لا يجوز. بخلاف قوله سبحانه وتعالى:{مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] فإنه لفظ عام يتناول الجمع بالتعاطي. وقال الكاكي: لا يلزم ذلك؛ بل الجوارح أخص من الكواسب، فليتأمل ذلك.
م:(وعن أبي يوسف أنه لا يشترط) ش: أي الجرح م: (رجوعا إلى التأويل الأول) ش: وهو أن المراد من الجوارح الكواسب، فيحصل صيده بأي وجه كان لعموم النص. م:(وجوابه ما قلنا) ش: أي جواب قول أبي يوسف ما قلناه، أشار به إلى قوله: فيحمل على الجارح الكاسب، إلى آخره.
م:(قال: فإن كان أكل منه الكلب) ش: أي من الصيد م: (أو الفهد) ش: أي أكل الفهد م: (لم يؤكل، وإن أكل من البازي أكل والفرق) ش: بين المسألتين م: (ما بيناه في دلالة التعليم) ش: يعني أن التعليم شرط فيما يصاد به من الجوارح، وهو في الكلب يترك الأكل، وفي البازي بالإجابة، وقد مر بيانه مستوفى م:(وهو) ش: أي الفرق م: (مؤيد بما روينا من حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فيه:«وإن أكل منه فلا تأكل» م: (وهو حجة) ش: أي حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حجة م:(على مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعلى الشافعي في قوله القديم في إباحة ما أكل الكلب منه) ش: وهو قول ربيعة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أيضا.
واحتجوا بما روى أبو ثعلبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل» ورواه أبو داود.
وقلنا: حديث عدي متفق عليه، فكان أولى بالتقديم؛ ولأنه متضمن الزيادة، وهو ذكر الحكم معللا.