لما روينا في حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه اجتمع المبيح والمحرم، فيغلب جهة الحرمة نصا أو احتياطا. ولو رده عليه الكلب الثاني ولم يجرحه معه ومات بجرح الأول يكره أكله، لوجود المشاركة في الأخذ وفقدها في الجرح
ــ
[البناية]
المصنف، قيد به لأنه لو تركه ناسيا يؤكل م:(لما روينا في حديث عدي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: في أول الباب، حيث قال فيه:«وإن شارك كلبك كلب آخر فلا تأكل» .
م:(ولأنه اجتمع المبيح والمحرم فيغلب جهة الحرمة نصا) ش: أي من جهة النص، قال الشراح أراد به قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما اجتمع الحلال والحرام إلا قد غلب الحرام الحلال» .
قلت: هذا موقوف على ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخرج حديثه عبد الرزاق في "مصنفه" في الطلاق حدثنا سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي قال: قال عبد الله: ما اجتمع حرام وحلال إلا غلب الحرام الحلال.
قال سفيان: وذلك في الرجل يفجر بامرأة وعنده ابنتها أو أمها: فإنه فارقها. وقال البيهقي في "سننه": رواه جابر الجعفي عن الشعبي عن ابن مسعود وجابر ضعيف، والشعبي عن ابن مسعود منقطع، م:(أو احتياطا) ش: أي من جهة الاحتياط، لأنه لما دار بين كونه حراما وحلالا فالاحتياط في تركه لئلا يستعمل الحرام في وجه، والاحتياط افتعال من الحوط وهو الحفظ، ومنه الحائط لأنه يمنع الغير من الدخول فيه.
م:(ولو رده عليه الكلب الثاني ولم يجرحه ومات بجرح الأول يكره أكله) ش: هذه من مسائل الأصل، ذكره تفريعا، أي ولو رد الصيد على الكلب الأول الكلب الثاني والحال: أنه لم يخرج الصيد معه ومات الصيد بجرح الكلب الأول يكره أكله م: (لوجود المشاركة في الأخذ وفقدها) ش: أي وفقد المشاركة م: (في الجرح) ش: لأن المعلم تعود الجرح فتثبت الكراهة لا غير، ثم قيل: كراهة تنزيه، وقيل: كراهة تحريم، هو اختيار السرخسي والحلواني.
وعند الثلاثة: يحل لانفراد الكلب المسلم بجرحه، ولهذا لو صاد مسلم بكلب مجوسي يحل عند أكثر أهل العلم. وعن أحمد في رواية: لا يباح، وكرهه جابر والحسن والنخعي والثوري ومجاهد لقوله سبحانه وتعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}[المائدة: ٤](سورة المائدة: الآية ٤) ، وهذا لم يعلمه.
قلنا: يحل كما لو صاد بقوسه أو سهمه أو ذبح بشفرته، وهاهنا ثلاثة فصول، أحدهم: