بعصر ما لم يبت عنه، فإن بات عنه لم يجز أكله، وقال الحرمي - من أصحاب أحمد -: إذا رماه فغاب عن عينه وأصابه ميتا وسهمه فيه ولا أثر به غيره جاز أكله. وجه قول أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظاهر، وهو ما رواه الترمذي والنسائي عن أبي بشر عن سعيد بن جبير «عن عدي بن حاتم قال، قلت: يا رسول الله إنّا أهل صيد، وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلة والليلتين فيتبع الأثر فيجده ميتا، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا وجدت السهم فيه ولم تجد فيه أثرا غيره وعلمت أن سهمك قتله، فكله» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
أخرجه الدارقطني في "سننه" عن عاصم الأحول عن الشعبي «عن عدي بن حاتم أنه سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال أرمي بسهمي فأصيب فلا أقدر عليه إلا بعد يوم أو يومين، فقال: "إذا قدرت عليه وليس فيه أثر ولا خداش إلا رميتك: فكل، وإن وجدت فيه أثرا غير رميتك: فلا تأكله فإنك لا تدري أنت قتلته أم غيرك» وقال في " التنقيح ": إسناده صحيح، وبه قال أحمد: يباح أكله [إذا غاب] مطلقا.
وأخرج البخاري ومسلم «عن عدي بن حاتم، وفيه:"وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت". وقال البخاري:"وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين» ، وعند البخاري «عن عدي أيضا أنه قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يرمي الصيد فيقتفي أثره اليومين أو الثلاثة ثم يجده ميتا وفيه سهمه؟ قال: يأكل إن شاء» ولم يصل سنده بهذا. وأخرج مسلم عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن أبي ثعلبة الخشني «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: في الذي يدرك صيده بعد ثلاث قال: "كله ما لم ينتن» ، وزاد في لفظ آخر «وقال في الكلب أيضا: "كله بعد ثلاثة إلا أن ينتن فدعه» . واحتج مالك بأنه سمع أهل العلم قالوا كذلك والشافعي احتج بقول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: كل ما أصبت ودع ما أنميت: قال في " الفائق ": الأصل أن يقتله فكأنه والاتما، كذا أن يصيبه إصابة غير موقعة، ولأنه يحتمل إذا توارى أن يموت بعارض آخر كالتروي.
وقال الأترازي: ولنا ما روى أصحابنا في كتبهم كالقدوري وغيره: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر بالروحاء على حمار وحش عقير، فتبادر أصحابه إليه فقال: دعوه فسيأتي صاحبه فجاء رجل