للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما روي: «أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اشترى من يهودي طعاما ورهنه به درعه» . وقد انعقد على ذلك الإجماع، ولأنه عقد وثيقة لجانب الاستيفاء

ــ

[البناية]

ش: أوله: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] وهو جمع رهن كعباد جمع عبد، وقد تعلق مجاهد وداود الظاهري بظاهر الآية أن الرهن لا يجوز إلا في السفر، لأن التعلق بالشرط ينفي الوجود عند عدمه.

قلنا: ليس المراد به الشرط حقيقة، بل ذكر ما يعتاد بأنهم في الغالب يميلون إلى الرهن عند تعذر إمكان التوثق بالكتاب والشهود. والغالب أن ذلك يكون في السفر وتوارث من لدن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يومنا هذا جوازه في الحضر والسفر، فعلم أن ذلك على سبيل العادة.

وفيه دليل على: جواز الشراء بالنسيئة إن كان يمكنه الشراء بالنقد خلافا لما يقوله المتعشقة، فإنهم قالوا: يكره عند القدرة على النقد.

قلنا: إنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قادرا على أن يشتري بالنقد بأن يبيع درعه ثم يشتري طعاما، مع أنه رهن درعه على ما يجيء الآن وبما روي، أي ومشروع أيضا.

م: (ولما روي أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «اشترى من يهودي طعاما ورهنه به درعه» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد ". وفي رواية للبخاري: "ثلاثين صاعا من شعير» . قوله: "ورهنه به" أي بالطعام.

قال الكاكي: وفي بعض النسخ: أي بالقيمة. وقال تاج الشريعة: أي بالدراهم أو الدنانير التي هي ثمن الطعام وفيه فوائد، أحدها: أنه لا باس بالبيع والشراء نسيئة، ولا كراهة فيه وقد مر الكلام فيه الآن.

الثانية: جواز الاستدانة، ولا يجوز الشراء نسيئة.

الثالثة: جواز المعاملة مع أهل الذمة.

الرابعة: جواز رهن السلاح منهم، هذا إذا لم يكن لهم قوة، أما إذا كان لهم قوة يكره ذلك كما يكره البيع منهم. كذا ذكر شيخ الإسلام علاء الدين الأسبيجابي في شرح "الكافي ".

م (وقد انعقد على ذلك) ش: أي على كون الرهن مشروعا م: (الإجماع) ش: أي الأمة اجتمعت على جواز الرهن من غير نكير إلى يومنا هذا م: (ولأنه) ش: أي ولأن الرهن، أشار به إلى جوازه بالدليل العقلي م: (عقد وثيقة) ش: أي عقد وثيقة، والوثيقة ما توثق به الشيء ويؤكد به م: (لجانب الاستيفاء) ش: أما أنه عقد وثيقة لأن حق الرهن يتأكد به ويأمن من القوي

<<  <  ج: ص:  >  >>