أي موجبة؛ ولأن الجناية بها تتكامل وحكمة الزجر عليهما تتوفر، والعقوبة المتناهية لا شرع لها دون ذلك. قال: إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا لأن الحق لهم، ثم هو واجب علينا، وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل، وهو أحد قولي الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلا أن له حق العدول إلى المال من غير مرضاة القاتل؛ لأنه تعين مدفعا للهلاك فيجوز بدون رضاه.
ــ
[البناية]
م:(ولأن الجناية بها) ش: أي بالعمدية م: (تتكامل) ش: ليجب القصاص لأن قتل الخطأ ليس بجناية محضة. م:(وحكمة الزجر) ش: مبتدأ م: (عليهما) ش: أي على الجناية، م:(تتوفر) ش: خبر مبتدأ من توفر على الشيء إذا ادعى حرماته ووفر عليه حقه توفيرا، واستوفره إذا استوفاه كاملا، وحاصل المعنى: أن العمدية تحصل بالجناية الكاملة، كل ما تتكامل به الجناية كانت حكمة الزجر عليها أكمل؛ لأن حكمة الزجر المنع عن الإقدام على الجنايات، لمراعاة حرمتها لا للمجاراة المحضة إذ الدنيا ليست بدار الجزاء ودار الجزاء هي الآخرة.
م:(والعقوبة المتناهية لا شرع لها) ش: هذه حجة أخرى، وأراد بالعقوبة المتناهية القصاص. قوله م:(دون ذلك) ش: أي دون قيد العمدية. وقال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: العقوبة المتناهية إزالة حياة لا تشرع بدون تكامل الجناية.
م:(قال) ش: أي القدوري م: (إلا أن يعفو الأولياء) ش: هذا لفظ القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقوله م:(أو يصالحوا) ش: لفظ المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعني إذا عفا الأولياء عن القصاص أو يصالحوا على مال فيسقط القصاص م:(لأن الحق لهم) ش: أي للأولياء. م:(ثم هو) ش: أي القصاص م: (واجب علينا) ش: أي من حيث التعين من الشارع. ونتيجته تظهر من قوله: م: (وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل) ش: لأن حقه القصاص بتعيين الشارع، وليس هو المخير بين أخذ الدية والقصاص.
م:(وهو أحد قولي الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية. وهو قول إبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، والحسن بن حي، وابن شبرمة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
م:(إلا أن له) ش: أي للولي م: (حق العدول إلى المال من غير مرضاة القاتل؛ لأنه) ش: أي المال م: (تعين مدفعا للهلاك) ش: وصيانة النفس عن الهلاك فرض بقدر الإمكان.
وقال تاج الشريعة: قوله: من غير مرضاة القاتل م: (فيجوز بدون رضاه) ش: أي يجوز بغير رضاه لأنه ملكه ما يجيء، به نفسه، فيلزم هذا التمليك شاء القاتل أو أبى، كمن أصابه مخمصة، فبذل له إنسان طعاما بثمن المثل، يلزمه هذا التمليك. وهذا لأن إحياء النفس فرض على الإنسان ما أمكن.