ومنه يقال: اقتص أثره، ومنه المقصة للجملين، ولا تماثل بين الجرح والدق لقصور الثاني عن تخريب الظاهر، وكذا لا يتماثلان في حكمة الزجر لأن القتل بالسلاح غالب وبالمثقل نادر، وما رواه غير مرفوع أو هو محمول على السياسة، وقد أومت إليه إضافته إلى نفسه فيه
ــ
[البناية]
هذا لأنه ألحق بالقتل إلى القصاص في لغة العرب يبنى على المماثلة واستدل عليه بقوله م:(ومنه يقال: اقتص أثره) ش: أي تبعه م: (ومنه المقصة) ش: وهو المقراض يقال م: (للجلمين) ش: الجلم الذي يجز به وهما جلمان، يعني: سميت المقصة مقصة لأن كل واحد من الجلمين يماثل الآخر، وقال شيخي العلاء - رحمة الله عليه -: قوله: " للجملين "، هكذا بتصحيح شيخي - رحمة الله عليه -. ووقع في النسخ: للحكمين. ولا وجه له لأن الحكم الذي يجريه كما ذكرناه.
م:(ولا تماثل بين الجرح والدق) ش: لأن الدق يعمل في الباطن دون الظاهر، والجرح بالسيف يعمل في الظاهر والباطن، والتغريق لا يعمل في الظاهر والباطن جميعا، أشار إليه بقوله: م: (لقصور الثاني) ش: أي الدق م: (عن تخريب الظاهر، وكذا لا يتماثلان) ش: أي الجرح والدق.
م:(في حكمة الزجر لأن القتل بالسلاح غالب وبالمثقل نادر) ش: وشرعية الزجر في الغالب لا في النادر، ولهذا شرع الحد في شرب الخمر لا في شرب البول.
م:(وما رواه) ش: أي ما رواه الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - من قوله:«من غرق غرقناه» م: (غير مرفوع) ش: أي غير مرفوع إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أي غير ثابت، وإنما هو من كلام رواية: ولا يلزم التحريق، وهو منهي. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يعذب بالنار إلا رب النار» .
قلت: قد ذكرنا أن البيهقي رواه مرفوعا ولكنه ضعيف لا تقوم به الحجة، وأجاب عنه المصنف بجواب آخر وهو قوله: م: (أو هو محمول على السياسة) .
ش: هذا جواب بطريق التسليم، يعني: ولئن سلمنا أنه مرفوع، ولكنه محمول على السياسة، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
م:(وقد أومأت إليه إضافته إلى نفسه فيه) ش: أي إشارة إلى الحمل على السياسة إضافة